منتدى جمعية إبداع الثقافية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي ثقافي يعتمد علي الشعر و الأدب و الغناء


    قصة الأمير نعمان الصغير تأليف /الحبيب أوعابد (المغرب)

    السيد صابر
    السيد صابر
    Admin


    المساهمات : 391
    تاريخ التسجيل : 18/05/2020
    العمر : 56

    قصة الأمير نعمان الصغير   تأليف /الحبيب أوعابد          (المغرب) Empty قصة الأمير نعمان الصغير تأليف /الحبيب أوعابد (المغرب)

    مُساهمة من طرف السيد صابر الأربعاء يونيو 03, 2020 11:38 pm

    العنوان: قصة الأمير نعمان الصغير
    الإسم الكامل: الحبيب أوعابد
    البلد: المغرب
    أعمال سابقة: لعبة الغميظة، من إصدار دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني


    قصة الأمير نعمان الصغير   تأليف /الحبيب أوعابد          (المغرب) 10144210



    إهداء
    "هذه القصة هي إهداء لوالدي أطال الله عمره، وإهداء لوالدتي رحمها الله وأسكنها من فسيح جناته، وكذا هي إهداء لعائلتي الكبيرة، كما يشرفني أن أهديها لجميع أساتذتي الكرام الذين أحبهم وأكن لهم كل المودة والتقدير، و لجمعية إبداع الثقافية بكل مكوانتها من شعراء، وكتاب ونقاذ، وكل من يسهرون على رقي واستمرار الأدي و أخيرا هذا إهداء لأصدقائي الذين لا يبخلون عني بالمساندة في كل حين، وشكرا لكم جميعا".
    الحبيب أوعابد


    يحكى في قديم اﻷزمان، كان هناك أمير صغير يطوف البلدان، أمير كان له من السلطة جاه وقوة ليس مثلهما في ذاك الزمان. هذا اﻷمير هو اﻷمير نعمان، طفل صغير ذو العشر سنوات أو يزيدان، كان أميرا قد فرح به الزمان، لقد كان يجود بماله على الفقراء والمساكين والمحتاجين في كل مكان، لقد كان سفيرا متخفيا لدولته في الشام، يخوض رحلاته بلاحراس ولا توصية من اﻷعوان، و يجول في كل بقعة من نفوذه في الشام. لم يكن معروفا بأنه اﻷمير نعمان، كان يدق اﻷبواب ويطلب ضيافة ليلة عند أي كان، لم يكن يميز بين الفقير أو الغني، ولا بين الوزراء والأعوان. لقد كان يستطلع أحوال الناس في الشام؛ كان يصدر أوامره من خلف رداء الكتان. اﻷمير نعمان كان يتيم اﻷبوين إلا أنه كان ذكيا وصعب خداعه في أي أمر كان.
    لم يكن ليشتهر لو لم يكن أميرا لايراه أعوانه ولا حتى خدمه الذين كانوا يظنون بأنه مختلف عن كل أمراء الدول في ذاك الزمان. لقد كان كالجان،فاﻷمير نعمان كفله أبواه حتى بلغ من العمر ثمان سنوات ليتركانه مرغمان؛ لقد حالت بينهما المنية في حادثة لم يكن بها دخل ﻷي إنسان، لقد كانت مشيئة اﻷقدار. لم يكن برفقتهما اﻷمير نعمان،لقد قضى سنتين بعد ذلك متخفيا كأنه جان،فقد كان المستشارين يجلسون معه وهو خلف رداء الكتان.
    كان دائمامنعزلا في كرسيه خلف ردائه، لم يكن ليسمح لخدمه برؤيته حتى في غرفته، لقد كان كثير الخوف على أناس بلده، وكلما خرج متخفيا وبات عند أحدهم كان يسألهم عن أحوال البلاد والعباد،لقد كان يقول بأنه قد أتى من بلد بعيد يجول البلدان، كان كل هذا ﻹخفاء أمره وملامح وجهه التي لم يكن يعرفها غير أبويه المتوفيان. لم يكن يرتدي من ملابسه إلا قميصا أسود، ويحمل معه قنينة ماء وبعض الثمر معه كزاد له في سفره، لقد كان يخفي هيئته وصورته. كان الجميع يظن بأنه فتى فقير يتجول في بلدهم، لكن اﻷمير الصغير وبعد جولاته المتعددة في كل مرة، لم يكن راضيا على وضع أهل بلده؛ فقد كان فقرهم لايطاق، وكان نفورهم من اﻷمير نعمان وأعوانه؛ لم يكن وزراءه مخلصين في أداء تلك اﻷمانة، ولم يحافظوا على مشاوراته لهم في اﻷمر، لقد غضب اﻷمير الصغير، كانوا يظنون بأن يومه كله يقظيه في غرفته وسط ذلك القصر الهائل والكبير. لقد كان يخفي غضبه في كل مرة ينام فيها عند أحدهم. كان الوزير همام هو أول وزير يتصرف في توزيع أموال المسلمين، لم يكن عادلا في أمره، وكان جشعا ومتخبثرا بين أهل بلده. لقد قرر هذا اﻷمير الصغير أن يذهب كضيف إلى بيت الوزير؛ وما إن تقدم الأمير كعادته صوب البيت الفخم للوزير، حتى صدم بالوزير يفتح باب منزله، لقد ظن الأمير بأن الوزير قد يكون صادقا في تحمله مسؤولية أهل بلده، ولكن كان مالم يكن في الحسبان، فقبل أن ينطق الطفل الصغير بكلمة، تحدث الوزير قائلا: "ماذا تفعل هنا أيها الصغير المتشرد؟". لقد صمت الأمير، ثم مضى في سبيله وتسلل من قبو القصر إلى غرفته. لم ينم خلالها اﻷمير تلك الليلة لقد قرر وضع حد لنزيف الفقراء والمساكين في بلده، لقد طلب عقد اجتماع طارئ في اليوم التالي وأن يحضر فيه كل من كان مسؤولا على أهل بلده...
    لقد أشرقت شمس يوم جديد، وما إن حضر الوزراء والأعوان بعد طلب الأمير، حتى باتوا كلهم متحييرين و يتسألون عن سبب هذا اﻹجتماع الطارئ اﻷول من نوعه. كانوا يتهامسون بينهم فمن من يقول:"ربما اﻷمير قد يود تغييرا في شيء ما؟ربما!"والبعض يقول"ربما سيكشف لنا عن ملامحه!"،وشق آخر يقولون:"ششه! دعونا ننتظر قدوم الأمير"!!.
    لقد دخل اﻷمير وجلس في كرسيه متخفيا خلف ذلك الرداء. "اﻷمير هنا" قال أحد الخدم،ثم وقف الوزراء واﻷعوان لتأدية التحية: "عاش اﻷمير"،ثم جلسوا والصمت يعم المكان.
    قال الأمير:
    -"هل تعرفون سبب هذا اﻹجتماع؟".
    قالوا:
    -" بالطبع لايامولاي".
    لقد كان اﻷمير نعمان متواضعا جدا،فقال متوجها بالسؤال إلى الوزير همام:
    -"ما وضع خزينة المال، وكيف هي أحوال أهل البلد أيها الوزير همام؟".
    فأجابه:
    -"بخير يامولاي،فهم يشكرون لكم صنيعكم من الهدايا والهبات وحسن المعيشة".
    قال الأمير مدعيا الرضى:
    -"حسنا أيها الوزير همام،لقد أحسنت العمل،فقد أديت واجبك على أكمل وجه على ما أظن!".
    ابتسم الوزير همام وقال:
    -"هذا من واجبي يامولاي،فهذا من كرمكم يامولاي".
    كان اﻷمير نعمان ذكيا جدا حتى في إدعاء ثقته بالوزير همام ثم قال:
    -"قل لي ياوزير همام،هل هناك من غرباء في بلدنا؟".
    قال الوزير:
    -"لايامولاي،فنحن سواسية جميعا؛ نعامل الغرباء كأنهم في وطنهم، ونحسن إليهم فهم راضون عن حسن إدارتكم".
    قام اﻷمير نعمان من كرسيه ثم قال:
    -"اجمعوا لي أهل البلد غدا صباحا، فلي خطاب أود أن ألقيه إليهم".
    قال الوزراء واﻷعوان وهم مستغربون:
    -"حاضر مولاي!"
    كان كأن شيئ غريب على وشك الحدوث، فاﻷمير نعمان جال بلد الشام وعرف أحوال أهل بلده القاسية، لقد كان يعلم بأن الوزير همام الجشع سيسعى ﻹخفاء فقرهم بأي شكل من اﻷشكال، حتما سيغريهم فهم فقراء لايستطيعون أن يشهدوا ضده.
    لقد علم الجميع طلب اﻷمير، ثم أتى الناس من جميع مناطق الشام لتلبية النداء.
    في صباح اليوم التالي كان يتساءل الجميع عن سبب الدعوة. ها هو ذا الصغير أتى متخفيا خلف ردائه كالعادة إلى ساحة واسعة. لقد كانوا على موعد فكل شيء في مكانه.
    صعد اﻷمير إلى منصة قاموا بتجهيزها ﻹلقاء خطابه و الوزراء واﻷعوان يجلسون بجانبه، لقد وضعت مكبرات الصوت في كل مكان حتى يضمنوا وصول كلمات هذا الخطاب الذي تخفق له القلوب بدقات متسارعة لما سيكون فيه. نهض الأمير من كرسيه ووقف أمام ذلك الحشد الكبير الذي تظهر عليهم علامات السخط، وعدم الرضى. لقد علم امير بضعفهم وهذا يوم لاستئصال وريد معاناتهم.
    لقد حان موعد إلقاء الخطاب المنتظر، وكانت بداية كلماته التي يلقيها الأمير أن:
    -"مرحبا بكم ياأهل بلدي، إني لمن السعداء لرؤيتكم، وإني لمن الفرحين لقدومكم، أما بعد؛ فلقد علمت من الوزير همام المكلف باﻷمور المالية بأنكم على أحسن حال ،كما أن حال الغرباء في بلدنا على مايرام."

    -"لازالت الأمور على مايرام حتى الآن"، كما قال الوزير في نفسه، لقد كان الجشع في خوف من ظهور ذلك الفتى الصغير الذي قام بطرده. قال اﻷمير الصغير في نبرة صوت حادة سمع ترددها لمرات في كل مكبرات الصوت المحيطة بالساحة:
    -"ياأهل بلدي،هل مايقول هذا الوزير صحيح؟!!".
    لقد اندهش الوزير همام من هذا السؤال،فبدأ يتساءل"ماخطب اﻷمير، هل ياترى كشف أمري؟،هل اشتكى له ذلك الفتى؟!".
    باتت الكثير من التساؤلات واﻷفكار تجول في ذهن الوزير. قال الطفل الصغير:
    -"لقدسألتكم،فأنا أهلكم وأنتم أهلي". كان يعرف الإجابة إلا أنه سألهم، نعم ذاك الفتى الصغير الذي جال كل البلد متخفيا. وطؤوا رؤوسهم جميعا، وقد كان هذا ردا كافيا، وإجابة دالة على عدم رضاهم، ثم نظر اﻷمير بنظرات سخط للوزير فقال:
    -"ماخطبهم أيها الوزير؟!!!".
    ثم أجابه الماكر والخوف يذب في جسده، فقال:
    -"لاأعلم يامولاي".
    ثم في لحظة ظهر ذلك الفتى الصغير على المنصة ووسط دهشة، ظهر الطفل الغريب الذي جال البلد على المنصة لقد كان هو اﻷمير نعمان. فأتى المش كالصاعقة على الوزير بعدما كشف اﻷمير عن نفسه، لم ينطق بعدها المتبخثر بأية كلمة، لقد شل لسانه من هول ما رأى. اﻵن كل الحشد والوزراء والخدم في دهشة مما يحدث أمامهم وغير مصدقين لما ترصد أعينهم، لقد فضح أمر الوزير، وفورا تم إصدرأمر من الأمير باسترداد جميع الحسابات التي أخذها الوزير من مال الخزينة، وتجريده من منصبه، ومصادرت جميع ممتلكات، وعدم السماح له باﻹستفادة من أية هبات أو هديا. لقد أصبح هذا الجشع بين عشية وضحاها شخصا عاديا، بل وفقيرا مشردا في بلده. إنه مثال على مصير أي وزير تجرأ على ضياع حقوق أهل بلده، وإتعاس الآخرين من أجل سعادته، بل وكذا مصير من أدى القسم بالإخلاص في منصبه.
    لقد كان هذا اليتيم الصغير محنكا في قيادته رغم صغر سنه، وهكذا أوقف شجع الوزير، وأعطى حق كل محتاج ومستضعف في بلده.....

    «تمت والحمد لله»







      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 6:08 pm