منتدى جمعية إبداع الثقافية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي ثقافي يعتمد علي الشعر و الأدب و الغناء


    وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص) بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020

    السيد صابر
    السيد صابر
    Admin


    المساهمات : 391
    تاريخ التسجيل : 18/05/2020
    العمر : 56

    وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص)   بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020 Empty وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص) بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020

    مُساهمة من طرف السيد صابر السبت أكتوبر 31, 2020 8:42 pm

    [right][b][center][b]وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص)   بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020 Iooa_a10


    وابتسم الحظ..ساخرا
    (مجموعة قصص)

    بقلم
    فيصل خشافة
    ================================================================


    انقراض.
    ( قصة من الخيال العلمي )
    كان الوقت ليلا ، والظلام يدثر كل شيئ برداءٍ أسودٍ سميك ، وكان المعمل المركزي لعلوم الحياة رابضا هناك ، فوق قمة ذلك التل الواقع في ضاحية المدينة. .
    حيث يعم الهدوء والسكون المكان ، في تلك الحقبة الزمنية الموغلة في التقدم..
    كان المعمل المركزي من الضخامة بمكان ، حيث كل شيئ يدار فيه بالآلة ، من كمبيوترات عملاقة ، وروبوتات ضخمة ، وشبكة اتصالات الكترونية على أحدث مستوى ، مرتبطة بالشبكة الأم التي تغطي الكوكب بأكمله..
    وفي داخل المعمل ، وفي قاعة واسعة جدرانها من الكريستال الشفاف ، وممتلئة بأحدث أجهزة الكومبيوتر ، وبأقفاص زجاجية متفاوتة في الاحجام والأشكال ..
    تحوي عينات مختلفة من الأحياء ، ومجهزة بكل ما يضمن لهذه الكائنات الحية ، البقاء والاستمرار في الحياة..
    وعند ذلك الصندوق الزجاجي العملاق ، كان هناك شخص واقف خارجه يقوم بمراقبة وتفحص كائنين غريبين ، أحضرهما المستكشفون ، الذين يجوبون آفاق الكون الرحيب ، بحثا عن حياة عاقلة مفكرة ..
    وكان من نتاج ذلك أن أُحضرا هذين المخلوقين ، الذين كانا آخر الأحياء بعد فناء الحضارة على كوكبيهما ..
    كان أحدهما قد فارق الحياة نتيجة انتزاعه من عالمه ، وزرعه في عالم آخر ..
    رغم ان المكان الذي وضع فيه ، هنا في المعمل المركزي كان قد أُعدّ بكل الوسائل التي تضمن له الحياة ، الا انه على ما يبدو لم يتحمل كل التجارب التي أُجريت عليه ، وحولته الى فأر تجارب معملية..
    وقد كان تركيبه الفسيولوجي هشّا وأضعف من رفيقه الآخر ، الذي كان يتمتع بإرادة وصلابة أقوى .
    وكان ذلك الشخص ، الذي يتفحصهما يرتدي معطفا شبيها بمعاطف الأطباء ، جالسا أمام حشد كبير من الشاشات .. وامامه اسطوانات ليزرية مدمجة ، التقط إحداها ودسها في تجويف خاص أسفل جهاز كمبيوتر كان امامه ، ثم ضغط زرا في إحدى الشاشات ، فأضاءت تلك الشاشة وتراصت فيها معلومات غزيرة عن ذينك الكائنين..
    فأحدهما كان ذكرا..والآخر انثى ، وهي تلك التي فارقت الحياة ..
    اما الذكر فهو على ما يبدو يصارع الموت كمدا وحزنا على المخلوق الآخر.. ولقد أُحضرا من كوكب ( ك٣_م ش١_ط ل ) كما هو موضح في ملفيهما ..
    حيث نشبت حرباً ضروساً في ذلك الكوكب ، لا يُعرف سببها ، أدّت الى مقتل جميع سكانه ، نتيجة استخدام أشد أنواع الأسلحة فتكا بين المتصارعين ، واندثار الحضارة على سطحه ..
    وتم إحضار هذين المخلوقين ، ووضعهما في قسم الكائنات المنقرضة ..
    كل تلك المعلومات مرت أمام عيني ذلك العالم الذي لفت انتباهه سماع حشرجة وشهيق ، يأتيان من داخل ذلك الصندوق الزجاجي الموجود فيه الكائنين..
    فالتفت بحركة حادة ليرى المخلوق الوحيد المتبقي على قيد الحياة ، ينتفض انتفاضته الأخيرة ، قبل ان تسكن حركته ، ويستقر جثة هامدة..
    وفي هدوء ودون أي انفعال ، استدار ذلك العالم الى شاشة تتوسط مجموعة الشاشات أمامه ، وضغط زرا في طرفها لتبدو عليها صورة كهل وقور حيّاه قائلاً:
    _ سيدي .. لقد فارق كائني كوكب(ك٣_م ش ١_ط ل) الحياة ..
    وانتظر الاذن باتهاذ اللازم..
    _ اتخذ الاجراءات اللازمة ، من حفظ وتحنيط ، ثم ضع ملفيهما في قسم الارشيف ليستفيد منهما الدارسين والباحثين.
    انطلق ذلك العالم لتنفيذ أوامر رئيسه دون أن يخطر بباله قط ان هذين المخلوقين كانا من أعرق حضارة عرفها الكون ، حضارة دُمرت بسبب الاستعلاء والطمع والعنجهية ، ورفض الحب والقبول بالآخر والتعايش السلمي بين شعوبها، وان ذلك الكوكب(ك٣_م ش١_ط ل) او الكوكب الثالث في المنظومة الشمسية الاولى في الطريق اللبني ، كان سكانه يطلقون عليه اسم..كوكب ( الأرض)..
    ( انتهت )
    السياني_ ١٨/ ٨/ 2004
    =======================================================================


    بأي حالٍ عدت يا عيد..؟
    نشرت في صحيفة "الثقافية" اليمنية

    كان واقفا على الجانب الآخر من الشارع ، عندما لمحه ، كان ولده الأصغر هناك مفترشاً الارض ، يرنو بنظراته الكسيرة الى أترابه ، وأقرانه الصغار ، وهم يلهون ويلعبون في يوم العيد ، بلباسهم الجديد الأنيق بكل ألوان الطيف..
    والألعاب بأيديهم ، والحلوى بأفواههم ، والابتسامة العذبة البريئة تنطلق من أعماقهم ، لتعانق نسمات الصباح الجديد..
    صباح العيد..
    صباح جديد خُلق لتوّه..
    وابنه جالساً وحيداً يعبث بعلبة صفيح صدئة ، ونظرة بؤس تتخلل وجهه ، بعد ان اغتال الفقر والحرمان ابتسامته البريئة .
    كان الوالد ينظر الى ابنه والألم يمزق نياط قلبه ..
    هو يعرف ان طفله عزيز النفس ، لم يطلب منه كسوة العيد أُسوةً بأقرانه ، ولم يشاركهم اللعب وهو بهذا المنظر الرث..ففضل الجلوس وحيداً..
    كان الولد _وكأنه_ يدرك أن أباه لا يملك ما يكفي لسدّ رمقه وبقية عائلته المكونة من اثني عشر فرداً_ ناهيك عن كسوتهم_
    انتبه الطفل الى ان والده يرمقه من بعيد..!
    فالتقت نظراتهما..!
    التقتا لتصنعا مأساة شارك في صنعها القدر والمجتمع ، والاوضاع المعيشية الصعبة .. وهو أي الاب..
    نعم هو شريك رئيسي في مأساته ومأساة أبنائه .
    كانت نظرة الابن كأنه يقول :
    _ ليس ذنبي ان وُجدت في هذه الأسرة الكبيرة_ وكأنها سرية عسكرية_وليس ذنبي ان أُحرم المأكل السليم ، والملبس النظيف ، والتعليم ، والصحة ، وكافة حقوقي كطفل.
    وكانت نظرة الأب وكأنها ترد عن نفسها هذا الاتهام الغير مباشر من صغيره:
    _ وليس ذنبي أني وُجدت في هكذا مجتمع ، أصبحت فيه قيم كالتكافل الاجتماعي ، والمؤاخاة ، والمواساة ، والمحبة بين الناس ، لا تتواجد الا في بطون الكتب الدينية
    والاجتماعية ، بعد ان أُعلن نعيها في مجتمعنا ومواراتها الثرى .
    " حدث نفسه"..
    نعم.. كان كلما عانى من هذا المجتمع ، ومن قسوته وشدته عليه ، فإنه يحتاج الى بعضٍ من حنان ، حرمه إياه المجتمع الذي تحول الى غابة ، فيلجأ اليها..
    الى زوجته ، حبيبته ، التي لم تكن تعلم وتحسّ بمعاناته الا هي.
    فيقضي معها في جنتها الصغيرة ، أعذب الأوقات وأحلاها فينسى همومه ومشاكله ومآسيه ، ولا يفيق منها الا على صوت مولودٍ جديدٍ يُضاف الى سريّة الاولاد الذين
    يملأون البيت.
    كان لديه فتاتان ، فلقتان من قمر..
    كانتا الحياء والشرف وعزّة النفس مجسدة ، والى الان لم يتقدم أحد لخطبتهما أو طلب يديهما..
    ليس لشيئ .. الا لفقرهما الذي صار وصمة عار في مجتمعنا..
    وساقطات بعض الأسر المخملية يتقاطر عليهن الخطّاب والمعجبون بالعشرات ..
    مشيئة الله _ اللهم لا اعتراض.." هكذا حدث نفسه"
    ابنه الأكبر .. أجهد نفسه ، سهر الليالي ، عمل الليل والنهار ، ليوفر له مصاريف الدراسة الثانوية ، ثم الجامعية..
    حرم بقية أفراد أسرته من الاساسيات والضروريات ، ليوفر له تعليما عاليا محترما ، ليكون مصدر فخره ، ولكي يعينه على تحمل أعباء الأسرة الكبيرة واحتياجاتها..
    هو الان عاطل عن العمل..
    يحمل شهادة "البكالوريوس " .. ويجلس على رصيف البطالة .. ٦
    صرف البقية الباقية من مدّخراته لكي يجد له وظيفة محترمة..
    لكن لا جدوى..
    اتجه مع ابنه الأكبر ، صاحب الشهادة الجامعية ، ليعملا معا ، طوال اليوم ..
    في الحقول ، وفي البناء ..
    فيعودا منهكين ، وقد هدّهما التعب ، وأعياهما النصب ..
    أهذا قدره وأسرته ..؟
    أهذا نصيبه في الحياة..؟
    ( اللهم ارزقني الرضاء بعد القضاء ).. دعا في قرارة نفسه..
    ميزته _ أو ربما عيبه _ أنه يستسلم لقدره دون ان يحاول حتى التغيير..
    تسيّره الأقدار كقطعة خشب تتقاذفها الأمواج ، فلا يملك سوى أن يترك نفسه للتيار..
    رفع عينيه من على وجه طفله..وارتقى بناظريه الى السماء..
    وخشع صوته ، ورقّت لهجته وهو يقول:
    _ ( الّهم كما خلقتنا فلا تضيعنا )..!!
    " انتهت "
    السياني_ ١٥/١٢/٢٠٠١
    ==============================================================

    الحب الشائب.
    منذ ان عاد من غربته ، وهو لا يفارق حارته..
    كان يلازم داره..ولا يخرج الا ليتسوق ، او الى المسجد..
    كان يعيش في عزلة فرضها على نفسه ، لا يكلم أحدا الا لماما..لا يندمج في مجتمعه.. وحيدا..غريبا في حارته..
    لقد ربّى رجالا ونساءً _أولاده_ وهم الان يتجاهلونه .. يهمشونه..كأن لا وجود له..
    وكان عزيزا..عنيدا..
    لم يستجب لنصائح الآخرين وهم يخبرونه ان يذهب لأبنائه ..
    كان _ وما زال _ يؤمن ان العكس هو ما يفترض ان يكون ، ان يأتي اليه أبناؤه..
    انه الان في سن الشيخوخه ، هرم كثيرا وشاب ، وتقدم في السن..
    لكنه لا زال قويا..سيحتمل ويحتمل..
    ليست أول مرة يحتمل هذا الجفاء من ابنائه..
    عندما كان في غربته ، كانوا منقطعين عنه.. لم يراسلوه ، او يسألوا عنه..
    ولكنه مع كل ذلك كان يحنّ لوطنه ولابنائه..
    لقد ذاق مرّ الغربة .. وعذاب الحنين..
    كان عندما تضيق عليه السبل ، ويشتد به اليأس ، يلجأ الى جارته السيده
    " سعدة " ..كانت عزاؤه الوحيد في هذا العالم الذي نشب فيه أنيابه ، وتنكر له الاهلون والأقربون..
    لقد كانت "سعده" سيدة فاضله .. رحيمة..حنونة ..كانت تهتم لأمره..وتسأل عن صحته ، وكانت مثله تماما..مقطوعة لا يصلها أحدٌ من أرحامها..
    وكان يساعدها ، ويعطف عليها ، ويبث كل منهما همّه وشجونه للآخر..
    نشأت بينهما علاقة وشيجة من التفاهم والتآلف ..
    صارت هذه العلاقه وُدّاً جارفاً يحمله كلٌ منهما نحو الآخر ..ذابا في نعيم من السعادة ، لم يألفه قلباهما من قبل..هذه هي الحياة إذاً ..
    ما أروعها عندما تكون بهذا الشكل..عندما تكون مع من تحب ، لا ينغص صفو حياتكما شيئ ، ولا تشوب علاقتكما شائبة..
    فتحلقان في عالم من الاحلام الوردية..وتعيشان تجربة ناضجة ..انضجتها تجارب الحياة .. وخبرات السنين..
    وكان لا بد وأن تتوج علاقتهما برباط شرعي مقدس ..تحرسه عناية الله ، وتكلأه برعايته..
    زاد حبهما تألقا ووهجا بعد الزواج ، وعاشا في نعيم مقيم ..
    لم تجد المشاكل طريقها اليهما ، ولم تستطع عيون الحساد الولوج الى عشهما..
    كانا يعيشان وكأنهما يعوضان ما فاتهما..ولقد فات من عمرهما الكثير..
    ولكن هذا الحب " الوليد الشائب" _في نفس الوقت_ طغى على كل ما سواه.
    وكان لا بد لكل هذا من ان ينتهي .. فلكل شيئٍ نهاية ، مثلما له بداية..
    هكذا هي مشيئة الله.. وهكذا هي السنن الإلهية ..
    زحف عليهما الشيب ، وداهمتهما أمراض الشيخوخة ، واعترضت خطاهما النهاية..
    إعتلّ جسديهما..لكن قلبيهما لا زالا ينبضان بالحب ، رغم ضعف النبض وشيخوخته..
    بعد أدائهما لصلاة العشاء ، توجهت هي الى فراشها..
    كان جسدها الضئيل يرتجف ويرتعد ، كعصفور صغير أصابه البلل..أطرافها باردة..كأن لا أثر للحياة فيها..
    قلبها ينبض بوهن وضعف شديدين ..جسدها يزداد ثقلا..
    كانت تشعر ان الحياة تُنتزع من أطرافها رويدا..رويدا..
    نادته باسمه..
    أتى مهرولا..جلس عند رأسها..احتضن كفها المعروق بين يديه النحيلتان العاجزتان..
    _ ماذا بك يا أعزّ مخلوق لديّ..!؟
    همس بهذه العبارة في أذنها..وهو يضغط بيديه على كفها برفق وحنان..
    وقعت العبارة على مسامعها كرنين أجراس ملائكية ، وتغريدات عصافير وبلابل..
    ردت بأنفاس متلاحقة :
    _ إنني أموت..ولكني أموت وانا مستمتعة بطعم الموت لأنك بجواري..
    _ لا تخافي ..سأظل بجوارك حتى آخر نفس يجود به صدري..
    _ أوه ..يا إلهي.. اننا نتصرف كمراهقين ..نحن شيبان ، وحبنا يشيب معنا ، وسيموت معنا..آه.. إنني أموت..!!
    انتفض جسدها انتفاضته الأخيرة ، وشهقت شهقة الموت ، ثم أسلمت الروح..وفوق شفتيها ترتسم بسمة مضيئة ، ووجهها يشعّ ضياءً ونور..
    إغرورقت عيناه بالدمع..وسقطت دمعة منه على وجنتها..مسحها بأطراف أنامله..
    ثم أغمض عينيها وهو يتمتم :
    _ كلا..فحبنا يشيب..لكنه لا يموت..!!
    " انتهت "
    السياني_ ٢٩_ اكتوبر_ ٢٠٠٠
    =============================================================
    تأخر..
    استيقظت من نومي مفزوعاً ، إثر صرخةٍ انطلقت كقذيفة من فم أمي ، وهي تحثني على اللحاق بالامتحان..
    طار كل أثر للنوم كان يمكن ان يبقى ، بعد تلك الصيحة التي مزقت عصبي السمعي..
    ألقيت نظرة على ساعة يدي فطار لُبّي..
    _ يإلهي .. إنها الثامنة ، والامتحان يبدأ عند التاسعة..
    أمامي ساعة واحدة فقط..عليّ أن أُسرع..
    انتهيت من غسل وجهي وتصفيف البقية الباقية من شعيرات رأسي..
    وارتديت ملابسي على عجل..
    كم أكره العجلة ..وخاصة عندما تضطرك الى إعادة لبس الفانلة ..لأنك لبستها
    بالمقلوب..
    إضطررت الى قطع المسافة وهي عبارة عن طريق فرعي من بلدتي ( السياني) الى (الجسر) حيث الطريق الرئيسي المؤدي الى مدينة (إب) مشياً على الاقدام ، لعدم توفر السيارات في مثل هذا الوقت من (رمضان)..
    وقفت فوق ( جسر السياني) أنتظر سيارةً تقلّني الى مدينة ( إب ) حيث سأؤدي امتحاني اليوم في جامعتها..
    فأخوكم في الله طالب جامعي ( يمني) ..!
    وما أدراك ما طالب جامعي يمني ..
    فالطالب الجامعي اليمني ينحت من جبال الواقع المرّ بيوتا للعلم..
    يكفي أن تعلموا أنني طالب ريفيّ ، أَسافر كل يوم ، غُدوّاً ورواحاً ، من الريف الى المدينة والعودة..
    وأن المسافة من (جسر السياني) الى مدينة (إب) تقطعها السيارة( الهايلوكس) المكدسة بالطلاب الريفيين في خمس واربعين دقيقة في المتوسط..
    ألقيت نظرة أخرى على الساعة .. انها الثامنة وعشرون دقيقة..
    يوجد عجز مقداره خمس دقائق في الوقت ..
    أخيرا توقفت سيارة ( هايلوكس).. كالمعتاد الصندوق الخلفي لها يمتلئ بأجساد الطلاب الذين سلقهم البرد ، فبدوا كأشباح ، شاحبين قد غاصت الدماء من وجوههم ، كأن لا أثر لها..
    رجوت السائق أن يسرع ، قبل ان أركب ، فالوقت ليس ملكنا..
    ولكنه القدر الذي جعلني أركب هذه السيارة بالذات ..
    فالسيارة تسير ببطء وكأنها سلحفاة ، أو كشاةٍ عرجاء ..
    السائق يثير فيك الغضب .. تود لو تركله في مؤخرته..
    فعلى الرغم من أن السيارة تئن وتنوء بحملها ، الا أنه يحرص على إضافة المزيد من الركاب ..فتكدسنا في صندوق السيارة وكأننا أسماك في علبة سردين..
    الزمن يتآكل..يتفتت القلق ذرات في دمي..يزيد نبضي..يرتفع منسوب الادرينالين في أوردتي..
    بودي لو أصفع السائق على مؤخرة عنقه..
    أرفع صوتي حاثاً إياه على المضي بسرعة أكبر..يلتفت نحوي ببلاهة..مما يضاعف حنقي وحقدي عليه..
    _ يا إلهي..لم أحقد على مخلوق كهذا..!
    السيارات تمر بجوارنا تاركة سيارتنا العرجاء وراءها ، كهدفٍ ثابتٍ تمرق بجواره الرصاصات دون ان تصيبه واحدة..
    أتوسل الى السائق ..أستجديه ان يزيد من سرعة دابته ..وكأني أنفخ في قربة مقطوعة..او أطلق صيحة في واد..
    تتنافس ذرات الادرينالين في جدران أوردتي محاولة تمزيقها..تحمرّ عيناي..تضيق أنفاسي..أنظر الى ساعة معصمي كل دقيقة..
    الدقائق تمر كثواني..والسيارة تسير خارج حدود الزمن..
    تلعب بي الهواجس..أتخيل الدكتور وقد انتهى من توزيع أوراق الأسئلة ، ومنع دخول أيٍ كان..فأموت كمدا..
    أخيرا..تنتهي هذه الرحلة..
    رحلة الشتاء والصيف..
    لقد مضى من وقت الامتحان نصف ساعة..
    أعدو كمجنون تلاحقه شياطين الانس ، على أملٍ يحدوني بأنهم سيسمحوا لي
    بالدخول الى قاعة الامتحان.
    أصل وأنفاسي تتقطع الى قاعة الامتحان..
    انظر الى الدكتور المشرف على القاعة نظرات غريق..
    فيقول بكل برود :
    _ عُد..فلا مقام لك اليوم بيننا..!!!
    أخرّ على وجهي مغشيا عليّ..!!!

    " انتهت "

    السياني.. ٣_رمضان_١٤٢١
    الموافق ٢٩_١١ _٢٠٠٠
    ===============================================================

    في قريتنا مسؤول.
    شاع في قريتنا النائية خبرا مفاده ، أن مسؤولاً كبيراً _ قد أُحيل على التقاعد_ سوف يأتي الى قريتنا ، ليمكث فيها بصفةٍ دائمة..
    وتأهب الكل لاستقباله..
    وأصبحت سيرته حديث المقايل والتجمعات والأسمار..
    كانت قرية تعيش في عزلة ، كأنها نبتة غريبة نمت وترعرعت وسط أشجار متجانسة ، فأصبحت شاذة غريبة ، لا تؤثر ولا تتأثر بالجو المحيط بها..
    وكان خبرا مثل هذا كفيلاً بأن يحرك الركود الجاثم على صدر قريتنا ، وخاصة مع شخصية بحجم وثقل مسؤولنا المزعوم هذا..
    وما هي الا أيام حتى وصل المسؤول ومرافقيه وأهل بيته ، ليستقر في قريتنا..
    قريتنا المحرومة من كل ميزات الحضارة ، على الرغم من أننا في عصر الحضارة..
    كان المسؤول يخترق زجاج السيارة بناظريه ، متفحصاً كل شيئ يمر أمامه ..
    هاله مرأى البؤس والحرمان ، اللذان تعاني منهما القرية ، التي قرر ان يجعلها محطته
    الأخيرة ليستقر بها ، بعد ان داهمه الشيب والكبر ، بعد عهود طويلة تحمل فيها المسؤولية ، كمسؤول كبير في الحكومة..
    فالطريق التي مرّ خلالها الى هذه القرية ، كانت عبارة عن اجتهاد اجتهده ابناء القرية ، بأمر من شيخ البلاد لتسير عليها سيارته هو والمتنفذين في القرية..
    هذه الطريق كثرت فيها المطبات والحفر ، واخترقتها السيول المتدفقة من أعالي الجبال..
    لم تكن توجد في القرية سوى بضع سيارات لا تزيد على عدد اصابع اليد، وكان المواطنون البسطاء يسافرون ، ويحملون أمتعتهم على ظهور الحمير..
    الكهرباء لم تصل القريةبعد..لا توجد سوى مولدات كهربائيه قليلة جدا يمتلكها الشيخ وأعوانه..اما البسطاء فكان نورهم ( السراج) المشتعل بواسطة الكيروسين ..
    ولا أثر لأي مرفق صحي في القرية ، فمعدل الوفيات عندنا في ارتفاع مستمر ، خصوصا بين الاطفال ..
    المدارس منعدمة ، ما خلا مدرسة يتيمة ، من ثلاثة فصول ، مبنية من ألواح الصفيح المهترئ بفعل عوامل التعرية ، وعامل الزمن المنقضي منذ ان تم تشييدها على نفقة أحد المحسنين..
    باختصار كانت الحياة تسير في القرية ببركة دعاء الوالدين وصلاة الفجر كما يقال..!
    كان الشيخ وأعوانه يُدرسون ابناءهم في المدن ، ويدخلونهم أرقى المستشفيات المجهزة بأحدث الأجهزة الطبية ..
    في حين ان بقية المواطنون يعانون الأمرين ، ويقاسون الويلات في المنفى الاختياري _ قريتهم_ التي قبلوها وطنا لهم..
    والحكومة لا تهتم لأمرهم ، وكأنهم رعايا أجانب ، او لاجئين من ضحايا الحروب المستعرة في القرن الافريقي..
    أوقف المسؤول سيارته امام منزله الذي أُعدّ له..وترجل ماشياً وهو يحدث نفسه:
    _ رباه ..أيعقل ان هذه البقعة من الارض لم تمسها الحضارة بعد..!؟ .. أيعقل ان كل هذا يحدث ونحن في القرن الواحد والعشرين..!! ؟..
    كلا..لست أصدق هذا..!!
    بعد ان استقر به المقام في داره واستراح من وعثاء السفر ، دخل عليه الشيخ واعوانه..مرحبين به فب تزلف واضح ، تبدو عليه أمارات النفاق جلية..فابتسم بطرف شفتيه ردا على ترحيبهم..
    ثم قال للشيخ ان يجمع أعيان القريه وعقلائهم مساء هذا اليوم في منزله ليجتمع بهم ، ويستكنه أوضاع القرية ومتطلباتها عن كثب..
    * * *
    في المساء بعد ان حضر الجميع ورحبوا بالمسؤول بادرهم قائلا:
    _ اشكركم على حين الاستقبال .. واتمنى ان أكون عند حسن ظنكم بي ، وارجو ان نتعاون جميعا على رفع المستوى الحضاري لقريتنا الجميله هذه ، والتي لم أرَ جميلا فيها ، سوى أُناسها الكرماء الطيبون ،وهواءها العليل النقي..
    اما ما عدا ذلك فلست أرى سوى أطلال وأوضاع تذكرني بعصور الأئمة في بدايات القرن الماضي..
    فلا أثر للحضارة هنا..ولست أعلم السبب لكل هذا..
    تكلم إمام الجامع بصوت جهوري قويّ:
    _ السبب تعلمونه جيدا ، انتم أيها المسؤولون .. فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته..
    اما نحن فمواطنون بسطاء ، نبحث عن لقمة عيشنا طوال اعمارنا ، لكي نقي أنفسنا ذلّ السؤال..
    قاطعه شيخ القرية:
    _ كلا.. فنحن ننعم بالأمن والأمان ، والرزق الوفير.. وكل شيئٍ متوفر لنا..اما هذه الكماليات فهي كفر من عمل الشيطان..نحن مستغنون عنها ..أليس كذلك..؟
    وجه حديثه لأعوانه..فردت عليه طغمته المتنفذة بصوت جماعي:
    _ بلى..
    صاح امام الجامع بصوته القويّ:
    _ كذبتم يا منافقون .. فوالله ما أمنت يا شيخ القرية الا بهؤلاء الزبانية المحيطين بك إحاطة السوار بالمعصم..وما شبعت الا من عرق وجهد الفلاحين الابرياء الذين تستغلهم انت وأعوانك ، وتفرضوا عليهم الإتاوات والجبايات والضرائب ، وتقنعهم انها للدولة ، وانت توردها لخزائنك..
    تكلم المسؤول بعد ان استمع لفترة للحوار الذي دار بين شيخ العلم وشيخ النصب..وقال مخاطبا شيخ العلم:
    _ ألم تنجب قريتكم حتى مسؤولا واحدا ، يهتم لأمرها ، ويطلع المسؤولين في الدولة على أحوالكم ومتطلباتكم واحتياجاتكم..!!؟
    أجاب امام المسجد بانكسار ، وغصة تتكون في حلقه:
    _ بلادنا لا يسمح لها بإنجاب المسؤولين..!
    نظر اليه المسؤول باستغراب وتأثر .. وعلم ما يرمي اليه فسكت ..ثم صرف الجميع بعد ان تعهد بإصلاح الاوضاع ، والاتصال بالمسؤولين في الدولة لكي يتم تدارك الوضع ..وضع هذه القرية البائسة..

    بعد فترةليست بالقصيرة .. أتى الى قريتنا وفدٌ رسميّ من المهندسين المعماريين والمصممين والمخططين.. وهو اول وفد رسمي يزور قريتنا منذ ان وُجدت على ظهر البسيطة..والحجّة على المعمّرين في هذا القول..
    اتجه الوفد الى بيت المسؤول ، وتم عقد اجتماع موسع ضمهم مع أعيان القرية ..ثم خرج المجتمعون بالقرارات التالية:
    "إنه نظرا للوضع المأساوي الذي تعانيه القرية..وتكفيرا عن أخطاء الحكومة التي اقترفتها بحق هذه القرية الصامدة الصابرة على البأساء والضراء ..
    فقد تقرر بناء قرية نموذجية متكاملة بالقرب من القريه هذه مبنية على أحدث أسلوب تخطيطي علمي ، عرفته البشرية في القرن الواحد والعشرين .."
    ومن ثمّ اتجه الوفد الى الموقع الجغرافي المعدّ لهذا الغرض لمعاينته..
    وبالفعل ..وفي اليوم التالي ..بدأ المهندسون بدراسة المشروع ووضع التصاميم اللازمة لتأسيس ( القرية الجديدة) ..والتي ستكون درّة المنطقة بأسرها ، على حد تعبير مسؤول قريتنا المفدّى..
    * * *
    بعد أكثر من عامين من العمل الدؤوب والمستمر _ليل نهار_ وبالاستعانة بالآلة الضخمة والتقنيات الجديدة التي كانت نتاج الحضارة في القرن الواحد والعشرين..تمّ إنجاز المشروع الحضاري العملاق..( القرية الجديدة) ، والتي كانت بالفعل درة المنطقة..بتخطيطها العمراني الانيق وبنيتها التحتية المتكاملة على أحدث الطرق
    والاساليب العلمية..
    وتقرر افتتاحها بشكل رسمي بحضور شخصيات كبيرة ومهمة في الدولة ..وتغطية
    اعلامية ضخمة ، تصاحب حفل الافتتاح..
    وبدأ التمهيد لكل ذلك وأصبح الكل متحفزاً وميتعداً لهذا الحدث الجلل ..
    تحدثت الصحف وأسهبت في وصف تلك المعجزة العمرانية ، وكذلك القنوات الفضائية ووسائل الاعلام المختلفة ، والاستطلاعات المصورة والمتلفزة..
    الكل يتحدث .. وابناء قريتنا يزهون بأنفسهم ، ويظهرون على السطح ، بعد ان كانوا مطمورين في وحل التجاهل والنسيان ، أصبحت القرية الشغل الشاغل للجميع ، والكل يترقب حفل افتتاحها بشوق ولهفة..
    في الليلة التي سبقت حفل الافتتاح ، والجميع متحلقون حول شاشات التلفزة العملاقة ، الثلاثية الابعاد ..يتابعون نشرات الاخبار ..وبالذات الاخبار والاستطلاعات التي تتحدث عن ( القرية الجديدة) ..عندما انقطعت البرامج فجأة..!! ..ليظهر على شاشات التلفزة مذيعوا الاخبار في كل المحطات تقريبا ، وفي الركن الاسفل من الشاشات ظهرت عبارة "خبر عاجل" .. وكان المذيعون يقولون:
    _" المشاهدون الكرام..نأسف لإزعاجكم ..فقد وصلنا ما يلي:
    لعلكم تذكرون الضجة الكبيرة التي حدثت قبل ربع قرن في نهاية التسعينيات من القرن العشرين تحديدا ، عندما تناقلت وكالات الانباء خبر النيزك الذي يتجه مباشرة نحو الارض ، والاحتمال الضئيل بأن تصيب أجزاء منه الارض..
    فقد ظهر ذلك النيزك بالقرب من غلافنا الجوي .. وهو يتجه نحو الارض..فتصدت له مقاوماتنا الدفاعية المثبته على الاقمار الصناعية العسكرية ، وتمكنت من نسفه ، وتفتيته الى أجزاء متناثرة..ولكن قطعة كبيرة منه أفلتت وسقطت على ظهر كوكبنا
    الارضي ، مما أدّى الى محو تلك المنطقة التي سقط فيها النيزك من الخارطة..وقد كان من حسن الحظ أنها منطقة خالية من السكان..
    * * *
    في اليوم التالي كانت كاميرات التلفاز تنقل للعالم حجم تلك الكارثة ، التي حلّت
    بالقرية الجديدة..وكان أهالي قريتنا والمسؤولون في الدولة يذرفون دموع القهر والمرارة .. لإندثار هذا الصرح الحضاري ، والمعجزة المعمارية ، وتحولها الى هشيما تذروه الرياح ..
    وكأنها لم تكن..
    وحده إمام الجامع وقف هادئاً ، ينظر الى الدمار الهائل الذي لحق بالقرية الجديدة ، ونظرات الأسى تكلل وجوه الأشهاد..
    فقد علم منذ البداية ان الأهم هو بناء الإنسان ، ولن تقوم حضارة مادية ، مالم تضفى عليها روحانية تكللها وتحرسها من الاندثار..
    أصبحت( القرية الجديدة) قاعاً صفصفاً ..
    لا ترى فيها سوى بقايا محراب للمسجد الذي شُيّد فيها ، وكان عليه مصحفاً مفتوحا احترقت بعض أجزائه..
    وفي صدر صفحته المفتوحة ، كانت الآية الكريمة تتوهج بحروف من نور:
    " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ، وازّينت ، وظنّ أهلها أنهم قادرون عليها ..
    أتاها أمرنا ، ليلاً أو نهاراً ، فجعلناها حصيداً..
    كأن لم تغن بالأمس.."

    " انتهت "
    السياني_ ٥/ يناير/ ٢٠٠١
    ==============================================================
    موظف في الجامعة
    منذ أن التقت به لأول مرة ، أخبرها أنه موظف في الجامعة..
    واكتفت بذلك..
    لم تتعمق أكثر في تفاصيل حياته ، لم تسأله عن موقعه الوظيفي ، او درجته الوظيفية..
    اكتفت بأنه موظف جامعي وحسب..
    إطمأنت الى كونه موظف ، واستراحت ..
    فقد زالت أولى العقبات في حياتها وحياة كل فتاة ترغب في الزواج من رجل موظف ، قادر على ان يوفر لها سبل العيش الرغيد ، والحياة في كنف السعادة والترف..
    الان لا يهمها شيئ آخر ، تريدأن تغرق في بحر الحب حتى أُذنيها ..
    تريد أن تعوض سنوات الحرمان ، والقحط العاطفي ..
    تريد ان تعوض ليالي الشتاء الزمهريري البارد ، وهي تحتضن وسادتها ولا أنيس أو سمير لها سواها..
    ليالي السهاد التي أرّقتها وعذبتها وهي ترى وتسمع الفتيات اللاتي يُخطبن من حولها ، وتتناقص أعدادهن الواحدة تلو الأخرى ، وهي واقفة وحيدة ، كشجرةٍ في فلاة ..
    الان فقط وجدته.. فتى أحلامها..
    لقد غرقت _ من أول نظرة _ في مروج عينيه الخضراء ، ووقعت أسيرة ابتسامته العذبة ، التي تفتت أقسى القلوب وأقواها..
    كان طويلا ، أشقرا.. أخضر العينين ..رياضي الجسم..
    يمتلك ساعدين قويين ، تمنت _لحظتها_ لو يعتصرها بين ساعديه ويضمها الى صدره القوي ، لتغوص بأكملها داخل جسده ، وتمتزج معه ، وتذوب فيه..
    عندما تقدم لخطبتها من والدتها ، التي كانت كل أسرتها ، أقنعت والدتها بقبول خطبته لها..
    وأكدت لأمها انه موظف في الجامعة..وأن حالها سيستتر معه..
    وأحوالها ستتحسن كذلك..
    فما كان من والدتها الا ان باركت حبهما ، وهي تعلن ثقتها فيها ، وفي اختيارها..
    كانت تفتخر فيه كثيرا..وتباهي به صديقاتها وقريباتها..
    تحولت الى وكالة أنباء ناطقة باسمه..
    كانت تتحدث كثيرا عنه ، وعن وظيفته الجامعية..
    وكانت ترد على من يسألها ما نوع وظيفته تلك؟
    انه موظف في الجامعة وكفى..!!!
    وذات مرة انقطع لفترة عن لقائها..واحتاجت إليه بشدة..
    فما كان منها الا ان قررت ان تتجه للجامعة للقائه _لأول مرة_ في مقر عمله..
    وفي مبنى الادارة العامة للجامعة كادت ان تسقط إعياءً ، وهي تتنقل بين طوابق وأقسام ومكاتب الجامعة ، بحثاً عن مكتبه _ كما تصورت_ لكنها لم تهتدي اليه سبيلا..
    كانت تسأل كل من تصادفه عن "عادل حسان " ..؟
    لكن الجميع _ بلا استثناء_ لم يكونوا يعرفوا شخصاً بهذا الاسم..
    كادت ان تجنّ ..
    _ غير معقول ان رجلا بوسامته وجاذبيته وشخصيته وقوته غير معروف هنا..!!
    ماذا كان يقصد بقوله موظف في الجامعة..!! ؟
    وأي جامعة كان يقصد..!!؟ لعلها جامعة أخرى أهلية..!! تحدث نفسها..
    حاولت ان تبرر وتختلق أسبابا لعدم معرفة أحد به ، لكي تريح نفسها اولا ..ولا تحطم الصورة التي بنتها له في مخيلتها ثانياً ..
    دارت على جميع الكليات..
    وأخيرا وصلت إلى كلية الزراعة ، وهناك سألت عنه في إدارة الكلية فأجابوها بنفس
    الاجابة انهم لا يعرفوا موظفا بهذا الاسم..بدأت تصاب بالاحباط واليأس، وتتناوشها
    الافكار السوداء..
    أتراه كان يكذب عليها..!!؟
    أم يخدعها..
    ويتلاعب بمشاعرها..
    قررت ان تسأل عنه إحدى العاملات في النظافة..
    فردت العاملة:
    _ لست أعرف أحدا بهذا الإسم سوى " عادل حسان" ..
    الذي يعمل علّافاً في حضيرة الابقار التابعة لكلية الزراعة..
    إرتجّ عليها.. واتسعت عيناها ذهولاً ..ونبضها يتسارع..
    وهي تحّدق فيها قائلة:
    _ علاف..!!؟
    _ نعم ..علاف يقوم بإحضار الأعلاف للأبقار والجواميس في الحظيرة..
    وهنا..هنا فقط تهاوت ، ولم تستطع ان تحملها قدماها ، بعد أن عرفت أيّ موظف في الجامعة كان..!!!

    " انتهت "

    السياني_ ١٨/١١/٢٠٠١
    ====================================================================

    هجوم تاتاريوس.
    (قصة من الخيال العلمي)
    الدمار يعم كل شيئ ، والخراب منتشر في كل مكان من كوكب الارض ، ثلاث قارات تعرضت للهجوم في موجته الأولى ، إثر انفجار ثلاث قنابل كأنها شموس صغيرة ، حولت ليل كل من آسيا واوروبا وأمريكا الى نهار ، لمدة نصف دقيقة كاملة ، انهارت عقبه نفوس أعداد هائلة من البشر في القارات الثلاث المكتظة بالسكان..
    قبل ان يتحول ذلك الانهيار النفسي الى ذهول شديد أعقبه حالات من البله أصابت الناس ، فانطلقوا يهيمون في الشوارع والطرقات والوديان والسهول على غير هدى..
    وهناك ، وفي قاعة العرش ، داخل تلك السفينة الفضائية العملاقة التي تدور حول كوكب الارض ، بعد ان دمرت كافة الأقمار الصناعية الدفاعية والراصدة ..
    اندفع قائد جيوش الاحتلال ووقف أمام العرش مباعدا بين ساقيه الطويلتان ، وضاربا صدره بقبضته المضمومة التي تحوي ثلاث أصابع ، يربط بينها غشاء كأنها مخلب صقر ، مطأطئاً رأسه الكبيره ذات العينين المشقوقتين طوليا ، وأذناه الشبيهتين بأذني وطواط..
    بعد أن أدى طقوس التحية الامبراطورية ، رفع رأسه متطلعاً الى الامبراطور الجالس على العرش قائلاً بصوته الشبيه بصوت طلقات مدفع آلي سريع الطلقات:
    _ المجد والعظمة لمولاي الامبراطور (جانشيز)..
    جاوبه الامبراطور بصوته السريع الطلقات الا انه أعمق ، وكأنه قادم من غيابات جُبٍّ عميق (ربما يكون علامة الوقار عند هؤلاء القوم):
    _ تقريرك بسرعة ، وبدون مقدمات أيها القائد ( جيوليكو)..
    أسرع قائد الجيوش يسرد تقريره قائلاً :
    _ لقد نجح الهجوم في موجته الاولى ..
    وجنودنا يستعدون للهبوط على سطح الكوكب المائي ، بعد أن استسلمت الارض إثر إسقاط قنابلنا الرهيبة ( ميموريا_ يك) و ( ميموريا_دو) على بقية القارات الست .. ٢٤
    فأنت تعلم القوة التدميرية لقنابل الجيل الجديد من ( ميموريا) ..
    ان الطاقة التدميرية للقنبلة الواحدة تبلغ ألفي جيجا بوزيترون ، وهي كافية لمحو كل خلايا التفكير في رأس كل أرضي ..
    فالقنبلة بمجرد انفجارها ترسل موجات هائلة من الاشعاعات التي تدمر خلايا المخ وتقضي على الذاكرة ، وتجعل البشر كلهم خاضعون مستسلمون لنا ، دون ان يفكروا أدنى تفكير في المقاومة..
    ليتحول البشر بعدها الى قطعان بشرية من البلهاء ، يستخدموا كعبيد وسخرة في خدمة إمبراطورية ( تاتاريوس) العظمى.
    أطلق الأمبراطور ضحكة شيطانٍ مريد ، تنمّ عن ساديته وسعادته ، بما حصل ..
    ثم قال لقائد جيوشه :
    _ أحسنت صنعاً أيها القائد ( جيوليكو) ..
    ألم يبدي الأرضيون أي مقاومة تذكر..!؟
    رد عليه قائد جيوشه قائلاً :
    _ لقد فوجئوا بالهجوم يا مولاي الامبراطور..
    فالخطة التي وضعها جلالتكم ، كانت محكمة ودقيقة الى أبعد الحدود..
    فلقد مكثنا عامين بتقويمهم الارضي نرقبهم من خارج مجموعتهم الشمسية عبر تليسكوباتنا الاشعاعية العملاقة ، ودرسنا وسائل مقاومتهم وأسلحتهم ، ودولهم العظمى ، خصوصا الدولة التي كانت مسيطرة على كوكب الارض والتي يطلقون عليها اسم ( أمريكا) ..
    وهي الدولة التي أطلقت مركبتا الفضاء ( فويجر_١) و( فويجر_٢) اللتان دلتانا على موقع كوكب الأرض ، بعد أن عثر عليهما حراس الفضاء ، التابعين لامبراطوريتنا العظمى ، وهما يشقان أجواز الفضاء قبل بضعة أعوام ، فما كان منا الا ان أخضعنا المركبتين للفحص الدقيق والشامل ، والدراسات المكثفة ..
    واستخلصنا معلومات مهمة وكافية عن هذا الكوكب المائي ، وعن عاداته وشعوبه بعد أن وجدنا كل ذلك مخزن في أجهزة كمبيوترات داخل تلكما المركبتان..
    اللتان درسنا خط سيرهما العكسي ، واستطعنا التوصل الى معرفة مكان هذا الكوكب ، بالاضافة الى ان صراعات الارضيين فيما بينهم كان لها الدور الاكبر في نجاح الهجوم دون مقاومة..
    خصوصا ان الدولة التي كانت محكمة سيطرتها على شعوب الارض كانت واثقة جدا من قدراتها ، بعد ان أخضعت بعض الدول الصغيرة بدعوى خروجها على الشرعية الدولية كما تزعم..
    مما أسكت العالم كله خوفا منها_ عدا بعض الدول والمنظمات والجماعات الثورية ، التي لم يعجبها تفرد( امريكا) بحكم العالم الأرضي والسيطرة على موارده الاقتصادية والتجارية_ فلم تكلم نفسها مشقة تسليح الفضاء ، سوى مشروعاً كان قد بدأه رئيسها الأسبق المسمى (ريجان) ويدعى هذا المشروع ( مشروع حرب النجوم) ..
    الا ان هذا المشروع لم يصمد دقائق أمام جحافل جند إمبراطوريتنا الأشداء..
    رمقه الامبراطور بنظرة نارية من عينيه الملتهبتين كشعلتين قائلاً:
    _ يبدو انك قد تعمقت كثيرا في دراسة تاريخ هذا الكوكب ، لدرجة أدهشتني انا شخصيا..!!!
    جاوبه قائد جيوشه بثقة مشوبة بالغرور:
    _ لم أكن لأستحق منصبي هذا أبدا ، لو لم أفعل مولاي الامبراطور..
    وكل هذا بفضل عطفكم ومنحكم الثقة لي..
    أطلق الامبراطور ضحكة وحشية وهو يقول:
    _ رائع..رائعٌ جداً يا قائد الجيوش..هكذا أريد قادة جيش امبراطوريتي دائما..
    لتظل امبراطورية ( تاتاريوس) سيدة الكون دائما وأبدا.
    وعاد يطلق ضحكته الشيطانية القادمة من قعر بئرٍ في الجحيم ، وهو يقول لقائد جيشه :
    _ والان أيها القائد ( جيوليكو) عد الى مركز القيادة ، وأصدر أوامرنا الى جيوشنا بسحق وتدمير حضارة هذا الكوكب ..
    الكوكب الذي لم يستطع سكانه حمايته ، فلا يستحقون سوى ان يظلّوا عبيداً أرقاء ، في خدمة امبراطوريتنا العظمى..
    وهذا_ أيضا_ شرفٌ لا يستحقوه..ولكننا نحتاج اليهم لا ريب ..
    فمخلوقات مثل هؤلاء لا يستحقون ان يعيشوا على سطح كوكب لم يحافظوا عليه ، بل يجب أن يدفنوا تحت طبقات ثراه..
    أحرقوا المكتبات..دمروا الجامعات والمدارس ..
    إقضوا على كل ما يمكن أن يعيد لهم حضارتهم ، لكي يظلّوا دائماً خدماً لامبراطورية ( تاتاريوس العظمى).
    وراح يطلق ضحكاته الابليسية .. ضحكات شيطان منتصر..
    أدّى قائد جيوشه له التحية وهو ينحني حتى كادت ناصيته تلامس الارض وهو يقول:
    _ في خدمتك .. مولاي الامبراطور ( جانشيز) .
    وانطلق لاستكمال مهمته التدميرية ..تدمير كوكب الأرض..
    لتبدأ رحلة الضياع لهذا الكوكب البائس ، الذي جنى عليه سكانه..
    في ظلّ ذلك الارهاب ، الذي كان يمارس على سطحه..
    ارهاب الدولة..وارهاب الجماعات..!!!

    " انتهت "
    السياني/٢٥_ابريل_٢٠٠٢

    =================================================================
    السيد صابر
    السيد صابر
    Admin


    المساهمات : 391
    تاريخ التسجيل : 18/05/2020
    العمر : 56

    وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص)   بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020 Empty رد: وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص) بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020

    مُساهمة من طرف السيد صابر السبت أكتوبر 31, 2020 8:42 pm

    في بيتي ضُرّة
    " نعم سيدي القاضي .. أطالب عدالتكم بتطليقي من هذا الرجل ، الواقف أمامكم الان..والذي تبدو عليه أمارات الندم والذل والخسران.."
    نطقتها والدموع تسيل على خديها مبللةً لثامها الذي يحجب معظم وجهها ، امام هيئة المحكمة والمحلفين في قاعة المحكمة..
    واستطردت قائلة:
    _ سيدي القاضي..السادة المحلفون..ان هذا الرجل الواقف امامكم ، لم تأخذه فيّ إلا ولا ذمة..ولم يراعي أي حرمة للرباط الزوجي المقدس بين الرجل والمرأة ، الذي أقرته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية..
    ولم يعر أدنى اهتمام لكرامتي كإنسانة ، لي مشاعر وأحاسيس وقلب نابض وعقل مفكر ، وغرائز وطباع ، مثلي مثل أي بشري ..
    السادة القضاة والمحلفون..لكم ان تتصوروا مقدار الظلم والجور العظيمين اللذين لحقا بي جراء تصرفاته اللاأخلاقية واللاإنسانية معاً ..
    تصوروا أنه لم يجمعني وإياه فراشاً واحداً _ سوى ليلةٍ واحدةٍ فقط هي ليلة الزفاف_ وذلك بعد مرور سبعة أشهر من زواجنا..
    سبعة أشهر مرت كسبع سنين ، ولست أملك الا وسادتي وغطائي ، دون جسد حيّ أستمد منه بعض حنان وفءٍ وأمان..!!!
    كل ذلك بسبب تلك الآلة اللعينة_ التي أسميتها انا (الضرة) ، وأسماها هو معشوقته _ والتي أهداها له شقيقه المغترب في الولايات المتحدة..
    تلك الآلة التي تعرفونها كلكم باسم( الكمبيوتر)..
    لقد أهداها له شقيقه في نفس يوم زفافنا..
    ومنذ ذلك الوقت ، والى الان وهو لا يفارقها ليلاً او نهاراً ..
    أصبحت وكأنها زوجته الأخرى..وهي ليست_ والله_ الا كذلك..
    خصوصا بعد ان اشترك في الشبكة العالمية للمعلومات ، ( الانترنت)..
    لقد وقع فريسة نسيجها العنكبوتي الضخم ، الذي يمتد ليشمل الكرة الارضية بأكملها ، وامتدّ حتى الى داخل بيتي..!!!
    كنت أتضرع اليه ، واتوسل ، وأذرف الدموع كي يمنحني حتى ولو عشر الوقت الذي يوليه إياها ، ولكنه كان يصدني ويعنفني ، ويتهمني بالتخلف والرجعية ، واني لست أستحق ان اعيش في هذا العصر _ عصر التكنولوجيا وثورة المعلومات_ وأن الأجدر بي أن أكون تمثالاً أو مومياءً في متاحف التاريخ على حدّ زعمه..
    وكان يقول لي ان هذه الآلة _ ضرتي الملعونة _ تقرب العالم كله ، لتضعه بين كفيّ ..ولكنها _ والله شاهد _ قد باعدت بيني وبينه بُعد المشرقين ، ونحن تحت سقف بيتٍ واحد..
    والله يعلم ، أني لم أطالب بالطلاق الا صونا لكرامتي وشرفي وانسانيتي..
    انسانيتي المهدورة ، بسبب " آلة "..آلة صمّاء..!!!
    انتهت من سرد مأساتها ، والعبرات تكاد تخنقها ، وصوتها حروفه مبحوحة ، ولثامها قد تبلل تماما..
    وسقطت على كرسيها في انتظار حكم المحكمه ، التي تداول أعضاءها حيثيات الحكم فيما بينهم ..
    وبعد المرافعات والمداولات والمشاورات ، صدر حكمها كالتالي:
    " حكمت المحكمه حضورياً بإلزام المدعى عليه ، بتطليق زوجته _ الضرة _ طلاقاً بائناً لا رجعة فيه ، وذلك ليتفرغ _ تفرغاً تاماً _ لزوجته الأولى ..
    زوجته البشرية..!"
    رفعت الجلسة..!
    " انتهت "
    السياني _ ٢٣/ديسمبر/٢٠٠٢
    ======================================================================

    شقاق الأشقاء.
    " والدي .. والدي..لقد حصلت على معدل٨٠ بالمئة في نتيجة الثانوية العامة.."
    قالها وهو يندفع كالقذيفة الى غرفة والده ، الذي انتفض بغتة لدخول ولده المفاجئ عليه ، وقطب جبينه ، ثم يلبث ان تهللت أساريره وأخذ ولده بين ذراعيه وربت على ظهره قائلاً:
    _ الف مباركٌ عليك يا ولدي.. وعقبى للبكالوريوس..
    و قبله على وجنتيه ، وهو يكاد يطير من الفرحة والسعادة..
    ثم عقد حاجبيه فجأة وقال لولده:
    _ وابن عمك .. كيف كانت نتيجته..!؟
    أجابه ولده:
    _ كالعادة يا والدي..أقل من معدلي بكثير..
    لقد حصل على ٧٠ بالمئة فقط ، معظمها بسبب الغش .
    أزاحه والده جانبا ، وجلس على الأريكة الوثيرة يسبح في لُجّة من أفكاره وذكرياته ، فاحترم الولد صمت أبيه فانصرف وتركه في بحر ذكرياته ..
    سبح الوالد في ذكرياته ، وترك ذاكرته تعود به الى الوراء..
    الى الماضي البعيد ، عندما حصل على نفس النسبة من النجاح ، وحصل شقيقه على نفس نتيجة ولده هو الآخر..
    وكأن التاريخ يعيد نفسه ..
    كان معروفا عنه داخل العائلة ، أنه الأذكى وصاحب العقلية الكبيرة المنفتحة ، والثقافة العالية..
    وعرف عن شقيقه رأسه الأجوف ، وضموره الفكري ، وخواءه العقلي ..
    وكان شقيقه يعوض كل ذلك بالاهتمام بمظهره الخارجي وأناقته..
    وتميز شقيقه عنه بوسامته ، التي كان يفاخر بها ، ويعتد بها لأنها كانت كل رصيده ورأسماله في الحياة ، حسب اعتقاده..
    وكانت تُثار بينه وبين شقيقه الخلافات والشقاق ، من آنٍ لآخر بسبب اختلاف تفكيريهما ، والحسد الأخوي المتبادل بينهما ، والذي ينشأ غالباً بين الأشقاء..
    خصوصاً الاشقاء المتقاربين في السن ، وذلك لأن الولادات المتقاربة تولد بين الاشقاء حساسيات من صغرهما ، خصوصا لدى الولد الأكبر ، لان الولد الأصغر يأتي ليستحوذ على جُلّ اهتمام الوالدين والأسرة بأكملها..
    فيشعر الطفل الاكبر ان أخاه الاصغر قد استأثر بالنصيب الأغلب من الحنان والرعاية والحب اللاتي يوليها الأهل للأطفال ..
    فنشأت في نفسه عقدة ، ظلت تنمو وتتعاظم داخله بمرور الزمن ، ثم بدأت بالتعبير عن نفسها _ لاحقا _ بأشكال والوان مختلفة..
    لذلك حرص _ بعد تنبهه لهذه المشكلة _ على ان لا يكرر ذلك مع أولاده.
    وكانت أسرته تحرص على ربطه بشقيقه في كل شيئ ، في الملابس وفي الدراسة وفي أدوات اللعب ، وكأنهما توأمان ..
    حتى في زواجهما ..
    تزوجا في نفس اليوم ، وانجبا أول مولودين في نفس الفترة..
    فكان دائم التذمر من هذا الربط المفروض عليه بشقيقه ..
    وكانت والدته تبرر له ذلك بأن شقيقك هو سندك ، وهو ظهرك ..
    وسلاحك ليوم المعادي..
    فكان يتبرم ويضيق ذرعاً . .
    وكان أكثر ما يثير حنقه وغيظه ، ويشعل نار الشقاق بينهما ..الفتيات..
    فقد كان شديد الولع بالفتيات ، ولكنهن لم يكن يُعرنه الا القليل من الاهتمام ، مقارنة بشقيقه الذي عرف وتميز بوسامته..
    خصوصا فتيات العائلة ، وبنات الجيران وزميلات الدراسة..
    فقد كن يتملقن شقيقه ، ويكثرن من زيارات منزلهم بغرض لقائه ورؤيته ..
    مما أثار حسده وغيرته على شقيقه..
    فقد كان يسمع دائماً كلمات الأطراء والمديح ينثرنها تغزلاً وهياماً بوسامة وأناقة شقيقه.. ٣١
    وكان ذلك يحزّ في نفسه ، ويوغر صدره..
    مما زاد في نار الشقاق والجفوة بينهما..
    فأراد ان يعوض كل ذلك بولده..
    فحرص على تربيته تربيةً حسنة ، وتنشئته تنشئةً علميةً وثقافيةً ، كان يضرب بها المثل ..
    وكانت المفاجأة أن ابن اخيه ، جاء كوالده ..
    جوهراً خاويا ً ٍ..
    ومظهراً جميلاً ..
    وعادت المأساة _ مأساته _ مكررة في الجيل الثاني..وان بشكل ٍ مختلف..
    وكأن التاريخ يأبى الا ان يعيد نفسه..!!!

    " انتهت "
    السياني ،،١٣/ ديسمبر/ ٢٠٠٢
    =====================================================================


    رصاصة الغيب
    لايعرف سرّ هذه الرغبة الشديدة في النوم ..
    رغم أن الوقت لا زال مبكراً ..
    في هذه الليلة بالذات يشعر وكأن يداً خفيةً تدفعه دفعاً الى التوجه نحو فراشه..
    كأنها تسوقه الى مصير مجهول..!
    هذه الليلة ، عكس الليالي السابقة التي يأوي فيها الى الفراش في وقت متأخر من الليل..
    ورغم كل هذا فقد استسلم لرغبته تلك ، وألقى جسده على فراشه..
    لقد كان يخاف النوم ، بل يمقته لانه يسبب له كوابيس تقلق راحته ، وتحرمه منامه ، وتذهب طمأنينته..
    تلك الكوابيس التي تحيل لياليه جحيما..
    كان شخصية ( سيكوباثية) ..عدائية ، تنقم على المجتمع وتكره الجميع ، ويكرهها الجميع ، ولكن ذلك لم يكن ليهمه او يكدر صفوه ..
    كان يعيش لنفسه ..ولنفسه فقط..
    لم يكد يغفو حتى بدأت رحلة العذاب ، كابوس تلو آخر ينقله من رعب الى رعب..حتى أتى هذا الكابوس القاتل..
    لقد كان يشعر أن عيناً ما تراقبه من وراء فوهة بندقية ، تترصده كأنها عين صقر متحفز ، يرقب فريسته ، قبل ان ينقضّ عليها ..
    حاول ان يهرب او يختفي عن نظر تلك العين ، لكنها كانت تلاحقه باصرار..
    أسرع الخطى ..
    تحول خَطوه الى عدْو ..
    امتزج بالناس ، وغاص بينهم ، وظن انه بمأمن ، ولكن تلك العين لا زالت ترصده كقناصة..
    اشتدّ لهاثه ، وعينيه تتركزان على تلك الفوهه التي جعلته هدفاً لمرماها..
    ثم انطلقت تلك القذيفة الصغيرة من اللىهب بسرعة رهيبة نحوه..
    رفع كلتا يديه محاولاً الاحتماء بهما..
    ولكن الرصاصة اخترقت جانبه الايسر ، ممزقةً قلبه ، لتستقرّ في كبده..
    فسقط مضرّجاً بدمائه..!!!
    * * *
    دخلت زوجته عليه غرفته _ التي كان ينام فيها وحيدا كعادته _ لتوقظه صباح اليوم التالي..
    نادت عليه..
    لكنه لم يحر جواباً ..
    كررت النداء مرات ومرات..
    اتجهت نحوه لتهزّه..
    لكنها صُعقت عندما رأت الدماء تغرق فراشه..
    * * *
    واصل رجال المعمل الجنائي عملهم ، وهم ذاهلون امام هذه الجريمة الناقصة..
    الجريمة التي لم يهتد رجال البحث الجنائي الى فك طلاسمها..
    فتقرير المعمل الجنائي يؤكد ان الغرفة خالية من أي نوع من الاسلحة ، ولا يوجد سوى بصماته وزوجته فقط..
    وتوجد نافذتين تعلوان الارض بنصف متر تقريباً ، وهما مغلقتان من الداخل بإحكام ..
    والباب لم تفتحه الا امرأته فقط ، والتي دلت التحريات على انها تكنّ له الكثير من الحب ، رغم انه لا يهتم لعواطفها ، اي انه من المستحيل ان تكون هي القاتلة..
    اما تقرير الطبيب الشرعي فيؤكد هو الاخر على وجود فتحة في الجانب الايسر من القفص الصدري ، منتظمة الحواف ، مما يؤكد انها بفعل رصاصة مزقت القلب ونفذت الى الكبد..ولكن لا يوجد أثر لهذه الرصاصة داخل أحشائه..
    وبعد تحقيقات ، ومداولات ..
    وأخذ ورد..
    أُغلق ملف هذه القضية..
    وحفظت ضد مجهول..!!!
    * * *
    بعد تشييع جنازته ، ومواراة جثمانه الثرى..
    دار حديث بين جمع من الناس .. وكان أحدهم يقول:
    _ لقد رأيته قبل اعلان وفاته يصفع عجوزا شمطاء على وجهها حتى أسقطها ارضاً .. ثم يركلها في وجهها حتى سال الدم من اطراف شفتيها ، عندما كانت تدافع عن أرضها التي حاول اغتصابها منها ، ليضمها الى املاكه دون وجه حق..
    عندها رفعت يديها الى السماء والدموع تملأ مآقيها ..
    وباب العرش مفتوح .. وليس ثمة حجاب بينها وبين رب الارباب وتقول:
    _ اللىهم أصبه برصاصة الغيب..!!!

    " انتهت "
    السياني ـ ١٤_ اكتوبر_ ٢٠٠٠
    ====================================================================

    صرخة.
    مرّت الذكريات تترى في مخيلتها ..
    كانت وهي تتذكر الاحداث التي مرت بها في السنوات الماضية من عمرها ، تشعر بانقباض شديد في صدرها وبين جنباتها لا تعرف كُنهه ، شريط من الماضي يمر حاليا أمام ناظريها كأنها تستشف به مستقبلها..وهي لا زالت غارقة في بحرٍ متلاطم الامواج من الذكرى..
    منذ أن فارقت دار والدها الشيخ( حسين) التقي الورع ، إمام الجامع في القرية التي كانت تقطنها ، الى منزل زوجها ضابط الجيش ، الذي كانت تحلم انها ستبلغ ما تصبو إليه معه ، الا ان احلامها تبدددت واغتيلت قبل ان ترى النور..
    فلقد كان زوجها سيئ الطباع ، عديم المروءة ، لا يعرف للعشرة الزوجية سبيلا سوى
    الأمر والنهي..وكأس الخمرة التي لا تفارق شفتيه..
    كثرت المشاكل ، واشتدت المنازعات بينهما ، وكان لا بد لهذا الزواج النكد ، من ان تحل روابطه المقدسة ، ولو كانت ابغض الحلال..
    وكانت ثمرة هذا الزواج _ ثلاثة ابناء _ فتاتان وغلام .
    أخذت على نفسها عهدا ان تنأى بنفسها عن الزواج مرةً اخرى ، وان تتفرغ لتربية ابنائها ، وتنشئتهم التنشئة الحسنة ، حتى يشبوا ويعتمدوا على أنفسهم..
    دار الزمان دورته ، وتزوجت الفتاة الاولى على ابن عمٍ لها ، وكانت فرخة الام غامرة ، فها هي ترى أحد فلذات كبدها وهي تتوج وتزين وتساق الى بيت زوجها..
    ذرفت دموع الفرح حينها ، وهي تتذكر نفسها بذات الموقف ، وابتهلت الى الله ان يسعد قرة عينها ويحيطها برعايته..
    كبرت الفتاة الاخرى والغلام ، واصبحا شابين يانعين ، طموحهما اكبر من امكانياتهما..
    تدهورت الحالة المادية لهذه الاسرة الصغيرة ، جراء اشتداد الازمه الاقتصادية عامة ، وعدم وجود معيل للاسرة بعد ان توفي طليقها الذي أُلزم بدفع جزء صغير من راتبه
    لأولاده ، وكان والدها واخوانها يتكفلون بباقي النفقات التي يحتاجونها ، وبعد وفاة
    والدها الشيخ " حسين" تدهورت حالتهم المعيشية اكثر..
    حاولت الام جاهدةً ان توفر لأبنائها متطلباتهما ، ولكن الظروف القاهرة كانت أقوى منها ، وبدأت تنعكس سلباً على ابنائها ..

    بدأ ولدها ينحرف ، ويعرف طريق السوء والغواية..
    ترك مدرسته والتحق بمجموعة من رفقاء السوء ، جرّوه لارتكاب المنكرات ، وسيطروا على أساليب حياته وتفكيره ..
    إئتمر بأمرهم ، وتحلى بصفاتهم ، حتى أصبح مسخاً مشوهاً ليس له من الأمر شيئ ، أينما يوجه لا يأتي بخير..
    شرب الخمور ، وتعاطى أنواع المخدرات والحشيش ، مارس السرقة ، ودخل السجن عدة مرات ، رغم صغر سنه..
    كان ضحية .. هكذا كانت امه تعزي نفسها بخسارتها إياه ..
    كانت تحبه حباً جارفاً ، بذلت كل ما في وسعها لكي تنقذه مما هو فيه ..
    بحثت عن وساطات عدة مرات لاخراجه من السجن ..
    حتى هو ، كان عندما يراها يرمي بنفسه بين أحضانها ، ليبكي ويبكي حتى تفرغ مآقيه من الدمع ، يعود نادماً ، آيباً ، تائباً ، فيزيد تعلق امه به ..
    وتزداد لهفتها ولوعتها عليه..
    ثم لا يلبث ان يلبي نداء رفقاء السوء ، ويعود لمواصلة طريق الانحراف ، والتعنت ، مستغلا نقطة ضعف والدته وحبها إياه..
    كان يهدد شقيقته الكبرى ويبتزها لكي يحصل منها على النقود ، لينفقها على رفاقه في ملذاتهم وغيهم وعربدتهم..
    وكان يضرب شقيقته الصغرى ضربا مبرحا بسبب وبدون سبب ، لكي يثبت رجولته وبطولته ، كما يتصور..
    عانت منه أمه الويلات ، وكذلك شقيقتيه..
    توقف سيل الذكريات، فجأة ، عندما أفاقت على صوت جلبه وضوضاء في الخارج..
    كان انقباض صدرها يشتد ويشتد..
    اقتربت اكثر من باب المنزل ..
    لتستطلع الامر بوضوح اكبر..
    هالها منظر اقتراب مجموعة من الناس يحملون شخصاً فوق أعناقهم..
    والدماء تنزف منه بغزارة..
    لقد عرفته..
    انه ولدها..
    اقترب منها احدهم والدموع تتساقط من عينيه وهو يقول بصوت متهدج:
    _ لقد أصيب بطلقٍ ناري من أحد رفاقه ، أودى بحياته..!
    صرخت بكل جزع والتياع الدنيا ..
    وهي تلطم خديها وتخبط صدرها:
    _ لاااااااااااااا .. ولدي...!!!
    صرخةً تردد صداها في كل أرجاء الحيّ ..
    صرخة أمٍ ثكلى.. مكلومة..!!!

    " انتهت "
    السياني/ .. ١٧ _ نوفمبر_ ٢٠٠٠

    ================================================================


    لعنة النور.
    كنت انا وهي _ حبيبتي _ وأمي وأمها ، وخالتي _ عدوتنا اللدودة _ التي مع تقدم سنيّ عمرها ، وعدم تمكنها من اللحاق بقطار الزواج ، كانت تكره المواقف العاطفية ..
    كلا..بل تكره أي تقارب بين ذكر وانثى أياً كان اتجاهه..
    أما أمي المتشددة _ حد التطرف _ في مثل هذه العلاقات ، والتي كانت تعتبرني ملاكاً ضلّ طريقه في دهاليز الارض ، فلم يكن يخطر لها حتى في أبشع كوابيسها ان ترى هذا الموقف ..
    الموقف الذي توقف له الزمن هُنيهة من الوقت ، واحتبست له الانفاس ..
    وخشعت الاصوات ، فلا تسمع حتى همساً ..
    كل هذا حدث داخل ذلك المستطيل الخراساني المسلح في بيتنا ، والمسمى
    "غرفة" ..والتي ضاقت عليّ جدرانها ، حتى أصبحت بالنسبة لي كالمثوى الأخير..!
    كانت جواري لأعلمها مسألةً رياضية..وفجأة انطفأت الكهرباء ..
    ولم يكد النور ينقطع ، حتى شعرت برغبة جامحة تغريني في تقبيلها وسط هذا الظلام المدلهم ، الذي تحول _ لحظتها _ الى جنة نورانية لحظة إمساكي بأناملها ، ولهفتها الشديدة وهي تتلقف أناملي كغريقٍ امتدت له يد..!
    خفق فؤادي ، واشتد وجيبه ، وتحول الى ما يشبه طبل قبيلة افريقية تحتفل بصيدٍ دسم..
    قلت محاولاً وأد أي ذرة شك يمكن أن تساورهن _ اي النسوة حولنا _ إزاء ما نحن مقدمون عليه :
    _ ياإلهي.. سيستمر انقطاع التيار الى ما يقارب الساعتين..!
    كنت أقول ذلك من طرف لساني ، وقلبي الذي افترسه الشوق والغرام يتمنى ان يستمر التيار منقطعاً لمدة يومين على التوالي..
    اقتربت بشفتاي من شفتيها ، وانا أُمني نفسي بأن أُطفئ اللظى المشتعلة في صدري على شفتيها المتوقدتين شوقاً كجمرتين ملتهبتين..
    كان قلبي المكدود مطمئناً الى أنني سأشبع رغبتي قبل حتى ان يتمكنوا من البحث عن مصدر بديل للنور..
    كنت أُجازف بطهارتي وورعي ، امام تلكم الرغبة المتوحشة التي انتابتني ..
    واجازف ايضا بسمعتي الطيبة امام والدتي ، التي لن تشك لحظة واحدة في أنني سأنزوي في ركنٍ قصيّ من الغرفة كطفلٍ قتله الظلام رعباً ..
    كنت أحتويها بين ذراعيّ ، وأهمّ أن أُريح شفتاي المتعبتين على شفتيها ، عندما انبعث فجأةً ضوءٌ مبهرٌ كفلق الصبح ، أحال الغرفة الحالكة الظلام ، الى ما يشبه حلبة مصارعة مسلطةٌ عليها الأضواء من كل الاتجاهات ، فقد عاد النور على غير عادته..!!!
    فبدونا أنا وهي كمتصارعين أعزلين وحيدين ، اتجهت كل الانظار نحونا ، فتحولت نظراتنا الى نظرات رعب واستغاثة..
    اما انا فقد اندفعت الدماء الى رأسي ، وتحشرجت أنفاسي ، وازداد تسارع دقات قلبي..
    وتصبّب عرق غزير على جبيني وعنقي ..
    وساد بعدها ظلامٌ تام..!!!

    " انتهت "
    السياني_ ١٠/يوليو/ ٢٠٠١
    ========================================================


    شعب ( الهدرة *)
    شعب ( الهدرة) .. أحد الشعوب البدائية ..
    يقطن الأدغال في القارة الصفراء..
    يعيش على هامش التاريخ ، لم تصله رياح التغيير ، ولم يستفد شيئاً من الحضارة..
    الشعوب المجاورة له ترفل في أثواب الحضارة القشيبة ، وشعب ( الهدرة ) يرى ذلك "رجس من عمل الشيطان" ..
    سمي شعب الهدرة ، لأنه يعيش على الكلام ..
    يأكل كلاما.. يشرب كلاماً..يتنفس كلاما...
    خصوصاً حاكميه والقائمين على أمره..
    اذا حصل واحتفل شعب الهدرة بمناسبة تاريخية او شعبية ، رأيت الخطباء يتبارون في مجال الكلام..
    ورأيت الجماهير الغفيرة تحتشد كالجراد المنتشر منذ الصباح الباكر ، دون تذوق ولو قطرات من الماء ، تروي به ظمأها..
    الجماهير أصبحت مدمنة لسماع الكلام الغث ، الذي لا يسمن من جوع ، ولا يغني من فقر..
    استمرأ الكلام .. ثم استعذبه .. فأدمنه..
    شيخ القبيلة متحدث بارع لا يشق له غبار في مضمار الكلام..
    لا يجيد سوى الكلام..
    اذا اعتلى منصة الخطابة أرغى وأزبد.. وملأ الآفاق ضجيجاً وصخباً ، عن منجزات وهمية لا توجد الا في رأسه..
    يحشي رؤوس أفراد قبيلته بالكلام..
    والعجيب ان الشعب يشعر بخدر ٍ لذيذٍ يسري في عروقه كأنه يغذيها..
    فإذا توقف شيخ القبيلة عن الكلام لحظة ، ليأخذ نفسه ويبل ريقه..
    رأيت صيحات الاعجاب والتصفيق ترتفع ، وشعب الهدرة يهتف بحياة الزعيم الاوحد..
    ويعلو ضخب الطبول والنفير حتى يعانق السحب..
    ولو وُجدت في هذه القبيلة وسائل الاتصالات الحديثة ، من تلفزة وإذاعة وصحافة ،
    لملأوا الدنيا ..ولشغلوا العالم بخطبهم ، التي أصبحت ضرورية كالماء والهواء ، ولا غنى لشعب الهدرة عنها..
    كان شعب الهدرة ينصت حتى الذوبان لشيخ قبيلته الذي أصابته ما تشبه اللوثه..
    وأخذ يتحدث ، ويتحدث..
    _ سيحل الامن والسلام ..وسيعم الرخاء..وستصبح ثمرة المانجو مجاناً _ كالكلام _ سنحارب الخونة والمفسدين ..سنتقدم الصفوف ..
    سنصبح أفضل شعوب الارض..
    سنحتل العالم..
    س... س ... س...
    ____________________________________________
    (*) الهدرة : كثرة الكلام.

    " انتهت "
    السياني.. ٢٨_ مايو _ ٢٠٠١
    =============================================================


    السيد صابر
    السيد صابر
    Admin


    المساهمات : 391
    تاريخ التسجيل : 18/05/2020
    العمر : 56

    وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص)   بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020 Empty رد: وابتسم الحظ..ساخرا (مجموعة قصص) بقلم /فيصل خشافة رقم الإصدار الداخلى 2020/364 أكتوبر 2020

    مُساهمة من طرف السيد صابر السبت أكتوبر 31, 2020 8:54 pm



    ولكنّه وطني..
    ( اول قصة اكتبها بعد معرفتي لشروط كتابة القصة)

    بعد ان نال حظاً وافراً من الشهرة ، جعلت منه آدمياً في غربته..
    كان يتذكر وطنه .. كان في خلده دائماً ..
    لم تمر لحظة دون ان يغيب عن باله ، رغم عمله الذي كان لا يستريح منه الا لماما..والذي جعله بهذه الشهرة التي أطبقت الآفاق ..
    وسرى ذكر اسمه على الألسن سريان النار في الهشيم ..
    فقد كان يعمل جراحاً للقلب والأوعية الدموية ، في الولايات المتحدة الامريكية..
    كل ذلك لم يُنسه وطنه ..
    وطنه الذي يُكنّ له من الحب ما يعجز واصفٌ ان يصفه ، ولا عاشق ان يحيط به..
    الحب الذب لو تجسد مادياً لطغى على وزن كوكب بأكمله..
    انه يذوب في عشق وطنه ..
    وطنه الذي تنهشه الكلاب من كل حدب وصوب ، وهو يئنّ في صبرٍ عجيب ، منتظراً المنقذ أو المخلِّص الذي تأخرت السماء بإرساله..
    لقد طُورد وأُهين وانتهكت آدميته في وطنه..
    عرضت عليه الهجرة فرفض..
    كانت الغربة خيارا يشق عليه من ترك معشوقته ( اليمن)..
    كان يحتمل .. ويحتمل ..في سبيلها..
    لكن قلوب جلاديه قُدّت من صخر..
    بدأت مقاومته تنهار ، تحت ضغط الواقع الذي يعيشه في وطنه ، وتحت وطأة السفاحين الذين يصولون ويجولون على أشلاء وطنه..
    بدأ يفكر جِدياً بالهجرة ..
    ثم هاجر..
    وعاش منفياً عن بلده..
    لم تستطع الاموال التي جمعها ، ولا الشهرة التي نالها ان تمسحا عن عينيه ذلك الحزن الذي استوطنهما..
    اصبحت بلاده محرمة عليه..ولكنه الى الان لم يتخلّ عن جنسيتها ، رغم الاغراءات التي قدمت له ليتنازل عن جنسيته ، ويمنح جنسية البلد التي هو فيها..
    ولكن هيهات .. فالناس معادن ..ومعدنه أصيل..
    لن يتخلى عن معشوقته .. ولو أُعطي كل ما أظلته السماء واحتوته الارض..
    لقد تشرّب حب وطنه حتى الثمالة..
    تذكر كل ذلك ، بعد ان ودّع زائره الرسمي الذي كان يعرض عليه منحه الجنسية في ذلك البلد الذي يقطنه ، وهي محاولة بات من المؤكد انها الأخيرة ، بعد عدّة محاولات حاولها ذلك المسؤول لاقناعه بما عرضه عليه..
    لقد جاء يذكره بالمعاملة الحقيرة والمهينة التي لقيها في وطنه ، من قبل اولئك المتعيشين على دماء الضحايا ..ونياح الثكالى..وأنين المرضى..
    فما زاده الا ثباتاً ، وحنيناً جارفاً ، طغى على كل شاعره عندما أجاب:
    _ نحن اليمانيون لا نعمل لأجل أفراد او حكومات..
    انما نعمل من أجل وطن ..وتراب..
    تراب اليمن ..!!!
    " انتهت "
    السياني/ ٢٠ _ سبتمبر _ ٢٠٠٠
    ===============================================


    لعبة الصميل (*).
    دخل القرويّ النادي الرياضي بلباسه الذي يميز أبناء الريف ، وذلك الفأس الذي يستخدم في تقطيع الأخشاب ، والذي يطلق عليه في الريف اسم ( العطيف ) معلق على كتفه كسلاح شخصي ..
    جال ببصره في القاعة التي تحوي جميع الالعاب ..
    وتركز بصره على طاولة ( البلياردو) والجمع المحيط بها..
    اقترب ببطء .. ونظرات التعجب والدهشة تنبعان من عينيه ..
    يحدث نفسه:
    _ ترى ما هذا..!!؟
    يتعجب أكثر وهو يشاهد عصا البلياردو الطويله التي تذكره ب( صميله) العزيز الذي تركه في قريته ، وأحجار البلياردو المستديرة والملونة بألوان قوس قزح ، الذي يشاهده دائما بعد هطول الامطار في الحقول والجبال..
    لاحظ صاحب النادي نظرات الاعجاب والاستغراب اللتان يبديهما هذا القروي ، فأحب أن يسخر منه..
    دنا منه وقال:
    _ هي ماذا هناك..!؟
    رد القروي وهو يشير لطاولة البلياردو:
    _ ما هذه اللعبة..!؟ أهي لعبة الصميل..!!؟
    أطلق مالك النادي ضحكة عالية وهو ينظر الى عصا البلياردو التي ظن القروي انها (صميل) ..فكان أن رد عليه قائلا:
    _ نعم..نعم..أتريد ان تلعب..؟
    رد القروي :
    _ بلى ولكن بشرط..
    _ ماهو..؟
    _ أنني اذا استطعت ان اضرب الكرة ب(الصميل ) وأدخلها في الحفرة يكون.
    ( الصميل) جائزتي.. لأصنع منه عصا ل( عطيفي)..!
    _ حسنٌ .. اتفقنا..
    قالها صاحب النادي ، وهو يعلم يقيناً ان ذلك القروي الساذج لم يلعب البلياردو منذ فطمته أمه.. لو كان لديه أم..!
    أمسك القروي بالمضرب .. وضرب به الكرة الاولى لترتطم بالأخرى وهو يقول:
    _ عليك يا رب..!
    وشاءت تصاريف القدر ان يوفق القروي ، ودخلت الكرة الفتحة المواجهة له..وبذلك كسب الرهان ..
    وأخذ العصا واستدار خارجاً من النادي ، ليغوص وسط زحام المارة ، وليصنع عصاً ل( عطيفه) كما قال ، وسط عاصفةٍ من الضحك أطلقها الحاضرون ، وهم يراقبون هذا المشهد الفكاهي ..
    وينقلون بصرهم بين مالك النادي الذي وقف مذهولا ولم يحرك ساكنا ، وقد أخرسته المفاجأة..
    وبين صاحب ( العطيف) الذي اختفى بعد خروجه ..
    كأثر بعد عين..!
    _____________________________________________
    (*) الصميل : النبوت(وهي عصا غليظة تستخدم كسلاح بدائي في الشجار)

    " انتهت "
    السياني _ ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٠٠
    =====================================================
    قصة حب
    (اول قصة أكتبها في حياتي عام ١٩٩١وكان عمري آنذاك١٤ عاما)
    في أحد أيام الصيف ، وفي منتصفه بالتحديد ، حيث الطبيعة الخضراء والهواء النقي..
    التقت عيناهما ..
    وفي هدوء شديد أغلقت هي النافذة ، وقبع هو في ذلك المكان ، ينظر الى النافذة في شغف وهيام ، ورقص قلبه طربا بين ضلوعه ..
    لاول مرة في حياته يراها..لاول مرة تلتقي عيناهما..
    وقف منتظرا متى يراها مرة أخرى ..ولكنها لم تعد ..
    تضايق ولكنه لم ييأس ..
    عاد مرات ومرات..ولكنها لم تفتح تلك النافذة ..حزن لفقدها..
    وبينما هو كذلك ، حزين ومهموم ، فتحت هي النافذة ، وابتسمت ..
    من فرحته ، لم يحتمل ذلك ، بادلها نفس الابتسامة..
    نظرت اليه ، ونظر اليها.. زادت ابتسامتها اكثر فأكثر..
    لم يعد يحتمل..وفي اضطراب قطع احدى الورود من بستان بجانبه ورماها اليها..
    تضرج وجهها بحمرة الخجل ، وهي تأخذها وتشمها ، ثم لوحت له بكفها وأغلقت النافذة..
    حزن لفراقها ، وتمنى لو بقيت اكثر ليشبع عيناه بجمالها..
    لقد كانت زهرة بكل ما في الكلمة من معان..
    وفي حزن غادر مكانه وذهب..
    * * *

    كان ( احمد) هذه المرة نشيطا متحركا ، ذهب الى جيرانها وتحرى عنها ، عرف انها من أسرة غنية ، كانت تعيش في المدينة ، وكانت هذه هي آخر سنة لها في المدرسة ..فقد تخرجت وحصلت على الثانوية ، وجاؤت الى الريف لتقضي اجازتها فيه..
    وكان اسمها ( سحر عبدالعزيز) ..
    في تلك الليلة نام مطمئن البال ، لانه قد جمع عنها من المعلومات ما يرضيه..
    وفي الصباح قام واغتسل واتجه الى مائدة الافطار..
    وبينما الاسرة ، التي كانت تتكون من أمه واخته وهو، يتناولون الافطار ، كان مهموما صامتا شاردا..
    لا حظت اخته ( سلوى) شروده فقالت له:
    _ ( احمد) ..ما بك..!؟
    انتفض ( احمد) عند سماع اسمه حتى خرج من شروده وقال:
    _ هل قلت شيئا..؟
    اجابته:
    _ قلت ما بالك اليوم مهموما و شاردا..! ؟
    قال وهو يهم بالنهوض:
    _ لا شيئ ..انا بخير..
    ثم خرج وهو يمشي بخطوات سريعة حتى وصل الى اسفل تلك النافذه ، التي شهدت لقاءهما الاول ، ليمارس طقوس عشقه ، وكم احزنه ان وجدها مغلقة..وكذلك المنزل ايضا..فاتجه الى جيرانها وسألهم عن أصحاب ذلك المنزل ، فأجابوه انهم غادروه في الصباح..!
    * * *
    في تلك اللحظة التي ذهب فيها (احمد) من اسفل النافذة ، كانت ( سحر) جالسة في بيتها في المدينة مع احدى صديقاتها ، وكانت سارحه في افكارها ولم تنتبه الا عندما
    قالت صديقتها:
    _ ما بك يا (سحر)..؟؟

    رفعت اليها عينيها ففي تراخ وهي تغمغم:
    _ ( ليلى) ..انت تعلمين مدى حبي لك ومعزتك عندي ، حتى بتي كأختي..!
    صمتت لتبتلع ريقها ، ثم عادت تقول:
    _ في الريف رأيت شابا وسيم الملامح ، طويل القامة ، ذو شعر فاحم السواد ، وعينين سوداوين ، تدل ملامحه على ذكائه ويدل تهذيبه على حسن سلوكه.
    صمتت مرة اخرى ، ثم استطردت:
    _ ولقد كان كل يوم ينتظرني في الصباح ، اسفل نافذتي ..
    وذات يوم.. رمى الى وردة ليعبر بها عن حبه لي..
    وبعدها سافرت الى هنا ..وتركته..واراهنك على انه الان ينتظر اسفل نافذة غرفتي..
    سألتها ( ليلى) باهتمام:
    _ هل تحبينه..؟
    تضرج وجهها بحمرة الخجل وتلعثمت وهي تجيب:
    _ أ.. تقريبا..!!
    سألتها:
    _ ومتى ستعودين..؟
    اجابتها:
    _بعد اسبوع..
    سالتها مرة اخرى:
    _ هل ستلتقين به..؟
    صمتت برهة ، ثم قالت:
    _ سأحاول ..
    توقفت سيارة بيضاء صغيرة امام منزل مكون من طابقين ، تحيطه حديقة ذات اشجار كثيرة..وهبط منها المهندس ( عبدالعزيز) وتبعته زوجته ..ثم ابنته
    ( سحر) ، وفي تلك اللحظة التي لامست فيها قدما سحر الارض ، كان هناك..!!
    كان ( احمد) ينتظرها بفارغ الصبر..
    انتظر اسبوعا كعام..علها تظهر..وهاهي اخيرا تاتي..
    عندما رآها ، أشار اليها ان تنتظر ، ثم غادر موقعه واتجه اليها ، وعندما وصل اليها ابتسم مرحبا..فابتسمت ..
    اختلج قلبه عندما ابتسمت ، ثم تمالك نفسه وسلمها وردة محاطة بورقة صغيرة..أخذتها ودخلت المنزل..فذهب الى مكانه المعتاد اسفل النافذة ، وانتظر..
    اما هي فقد فضت الورقه وقرأت فيها كلمة واحدة رقص لها قلبها فرحاً ، وتهللت أساريرها طربا..
    كانت كلمة ( أحبك )..!
    توجهت نحو النافذة وهي تدعو الله ان يكون موجودا ..
    هاهي تراه..لقد تحقق مطلبها ..
    وفي لهفة رجعت الى قلب الغرفة واخذت قلما وورقة وكتبت فيها كلمة واحدة ، ورمت بها اليه بعد ان قبلتها ، فوصلت بين يديه ..
    فتحها وهو يرتجف من الانفعال..
    وعندما قرأها نسي كل همومه ولواعجه ..
    وشعر بالارتياح التام..فقد كانت كلمتها ايضا..(احبك )..!
    * * *
    تعودت ( سحر) النزول الى الحديقة ، وكانت كل يوم تعني بالزهور ، وكان وسط الزهور ، وردة حمراء رقيقة ، كانت تعتني لها كثيرا..
    كانت هي نفس الوردة التي اهداها اليها ( احمد) ذلك اليوم..
    وهاهي بين يديها ترعاها ، وتعتني بها..

    عندما تعبت جلست على احدى المقاعد ، وهي تفكر ، واستقرت عيناها على الارض..
    كانت ثمة ورقة ملفوفه ، فضتها فوجدت رسما لقلبين فيهما اسميهما..وتحته توقيع باسم(احمد)..
    * * *
    استيقظت ( سحر) في الصباح متعبة ، لانها لم تذق طعم النوم طوال الليل..
    كانت تفكر في ( احمد) ..
    تفكر فيه بعقلها ، وقلبها ، وبكل أحاسيسها ومشاعرها..
    وفجأة دلفت الى حجرتها امها وقالت:
    _ (سحر) ..هناك زائر في الخارج..!
    ارتجف قلبها ، وهي تحدق في وجه امها ..ثم قالت بلهفة:
    _ من..؟!
    قالت الام :
    _ انه ( خالد)..زميلك ..وجارنا ابن المهندس ( صالح).
    نظرت الى امها بخيبة امل ، فقد توقعته ( احمد)..ثم قامت لتستقبل زائرها..
    كان ( خالد صالح) ابن مهندس ورجل اعمال ، وكانت تربطه بسحر قصة حب قديمة ، ولكنه خانها ، وتزوج فتاة اخرى ، ومنذ ذلك الحين و( سحر) تكرهه..
    ولكنه عاد اليها نادما تائبا..
    استقبلته بلا مبالاة وقالت في ضيق:
    _ ماذ تريد..!؟
    اجابها في ارتباك وندم:
    _ صدقيني يا (سحر) لم أكن أريد خيانتك ، ولكنها رغبة أبي وأمي ..
    لقد أجبراني على الزواج بابنة عمي ، ولكنني رفضت ..فصمما حتى اضطراني الى انهاء علاقتي بك..
    ثم صمت وقد زال ارتباكه وقال بنبرة غاضبه تعلو وجهه:
    _ لقد خانتني تلك الافعى ، وهاأنذا أدفع ثمن خيانتي لك ..
    ( سحر) ..انا احبك..أرجوك سامحيني ..أعدك ان لا أكرر غلطي..
    وأعاهدك على الوفاء للأبد ..
    قالت له بلهجة تملؤها المرارة:
    _ أهي محاولة أخرى..!؟
    قال لها:
    _( سحر) ..صدقيني ..انا أحبك..امنحيني آخر فرصة..ارجوك..
    بدأت المسكينة تصدقه وتناست ( احمد) الحبيب المخلص الوفي ..
    وعادت الى ( خالد) ..
    وكانا دائما يخرجان ، ويتمشيان معا..وكادت تنسى ( احمد)..
    وذات يوم ، وبينهما معا يتضاحكان ، رآهما ( احمد) فناداها ، فأشاحت بوجهها عنه ..وعندئذ لم يتمالك( احمد) نفسه ، فصاح بصوت مكتوم ، لم يسمعه سواه:
    _ ( سحر)..!!!!
    ودفن وجهه بين راحتيه وانطلق عائدا الى بيته حزينا كئيباً..
    * * *
    مرت الايام بطيئة كئيبة على ( احمد) وهو حبيسا في غرفته ، وقد بدا هزيلا شاحب الوجه ، متورم العينين ، لم يذق طعم النوم منذ تركته( سحر) ..
    لقد هجرته..وتخلت عنه..
    سالت من عينيه دمعة حزن ..وفراق..
    لم يكن يأكل ، ولا ينام، كان حزينا كسيرا مهموما..
    شهرين مضت وهو خزين لفراقها ، يتذكرأيامه معها ، ويعيد شريط الذكريات مرات ومرات..
    قطعت عليه أخته ( سلوى) ذكرياته ، عندما دخلت الى غرفته وهي تقول:
    _ أخي .. ألن تتناول العشاء..
    اجابها بشرود:
    _ كلا..
    غمغمت في إشفاق:
    _ ولكن صحتك لن تحتمل ..ستنهار في اي لحظة..!
    تمتم في ضيق:
    _ ( سلوى) أرجوكِ ..دعيني وحدي..
    خرجت (سلوى) ، واغلقت الباب خلفها ، وعندها نهض من مقعده وتوجه الى سريره وبكى..!!!
    لأول مرة يبكي ..ولم يكن بكاؤه عبثا..
    كان بكاء فراق ولوعة..
    * * *
    في ذلك الحين كانت (سحر) وخطيبها ( خالد) في حديقة منزلها..
    وكانت ( سحر) غارقة في تفكيرها..عندما سألها ( خالد) بغتة:
    _ هل تفكرين فيه..!!؟
    انتفضت وهي تجيب:
    _ من هو..؟!
    قال في سخرية:
    _ ذلك الشاب الريفيّ الأحمق..
    أرادت أن تدافع عنه ، ولكنها صمتت خشية ان تثير مشكلة بينهما ، فأجابت:
    _ كلا..
    قام من مقعده وهو يقول :
    _ حسنٌ ..سأنتظرك على العشاء الليلة..
    تابعته ببصرها حتى غاب عن نظرها ..
    وفجأت وقعت عيناها على الارض ، حيث انتصب واقفاً ، فرأت صورة لفتاة يبدو انها وقعت منه ، فأخذتها وتأملتها ، وشعرت بالضيق ، ثم انفجرت باكية..
    هاهو يعاود خيانتها للمرة الثانية ..
    ياله من جبان ..نذل..حقير..
    وفيما هي تبكي تكونت امامها صورة ( احمد) الشاب الوسيم الوديع ..
    ولم تنتبه الا عندما أحست بيدٍ تجذب الصورة من بين أناملها..
    التفتت لتجده ( خالد) وقد اشتعل الغضب في ملامحه ..
    فسألته :
    _ من هذه..!؟
    أجابها بغلظة:
    _ ليس لك دخل..!
    قالت له في انهيار:
    _ لماذا كنت توهمني بحبك..!!؟ وتترجاني حتى ضحيت بكل شيئ من أجلك..!!!
    قاطعها بصيحة هادرة:
    _ كفى..
    ثم خلع ( دبلة) الخطوبه من اصبعه ورماها اليها وهو يقول بسخرية:
    _ اذهبي اليه..عودي الى حبيبك القروي الساذج..!
    لم تحتمل كل هذا ..كانت تنظر اليه بعينين باكيتين زائغيتين ، وبدأت ملامحه تغيب أمام عينيها ..
    ثم سقطت فاقدة الوعي..!!!
    * * *
    كان ( احمد) يتساءل عن سر ذلك التغير المفاجئ ، الذي طرأ على ( سحر)..
    واستولى عليه شعور ، انها كانت تتلاعب بعواطفه ، وتلهو به..
    لكنه لم يلبث ان نفض عنه هذا الشعور ..
    كان يتمنى ان تعود ..كان ينتظرها بأحر من الجمر ، عندما دلفت أخته الى حجرته ، لتواسيه بعد عرفت قصته ، بعد محاولات كثيرة لإقناعه بالحديث..
    فقالت له في اشفاق:
    _ هل لا زلت تذكرها..!؟
    اجابها في حزن انفطر له قلبها :
    _ نعم ..يا (سلوى) ..وكيف سأنساها ..وقد امتزجت بروحي ، وملكت فؤادي..
    قالت له بنفس اللىهجة :
    _ لماذا تتصور انها هجرتك اذا..!؟
    اجابها بحزن:
    _ لديها ظروفها بالتأكيد..
    في تلك اللحظة ، دخلت أمه عليه الغرفة وقالت:
    _(احمد)..هناك زائرة في الباب ..تسأل عنك يا ولدي..!
    قال ( احمد) بهدوء:
    _ دعيها تدخل..
    وعندما ابتعدت نظرات ( احمد) عن الباب قليلا..
    اذا باخته تصيح بفرح:
    _ ( سحر)..!!!
    ارتجف جسد ( احمد) وهو يلتفت بلهفة ، الى حيث تنظر شقيقته ، واختلج قلبه في قوة ، وصاح في لوعة:
    _ ( سحر) ..!
    نهض من مكانه ، وهو يتطلع اليها ، ويملأ عينيه بجمالها ..
    ووقف كل منهما ينظر الى الآخر ، بشوق ولهفة وحنين..
    ولم يشعرا بدموع ( سلوى) ولا بانصرافها مع امها..
    مدّ كفيه امامها ، ووضعت هي كفيها بين راحتيه وهمست بعشق:
    _ ( احمد)..!
    أجابها بكل لهفته ولوعته:
    _ ( سحر)..!
    ضغط على كفيها بحنان وحب كبيرين وهو يهمس بصوت عذب:
    _ أحبك.
    هتفت في سعادة :
    _ وانا أيضا.. أحبك.
    ازداد تشابك كفيهما..وتعانقت نظراتهما..
    وبدأت " قصة حب " جديدة..
    حبٍ قويٍ جارف..
    خالي من الخيانة ..
    حبٍ صافٍ نابع من أعمق أعماقهما..

    " تمت "
    السياني _ ١٩٩١ م
    ===========================================

    وابتسم الحظ.. ساخراً
    _ يا الله .. انها أكثر من رائعة ..!
    تلفظ بها صديقه بانبهار شديد ، لا يخلو من حسد..
    خفض بصره في تواضع ، او لعله الخجل ، وهو يتناول قصته الجديدة ، التي انتهى من كتابتها ، وأعطاها صديقه ليقرأها ، ويبدي رأيه فيها..
    وضع قصته بين أوراقه ، وصديقه _ الثري _ يسأله :
    _ هل سترسلها الى الصحيفة ليتم نشرها ، ومعرفة القراء والنقاد بموهبتك..!؟
    أطرق برأسه مرسلاً تنهيدة انبعثت من أعمق أعماقه :
    _ انت تمزح ..لا ريب..فأنت تعرف أنني قد أرسلت معظم كتاباتي السابقة ولم أتلق رداً ..!!!
    فرؤساء تحرير الصحف غير مهتمين باكتشاف المواهب الجديدة ..
    وكل ما يعنيهم هو النشر للأسماء الكبيرة المعروفة والمشهورة ، لضمان زيادة مبيعات صحفهم ، ونفاد أكبر كمية منها في الاسواق..
    بالاضافة الى ان اسمي لا ينتهي بلقب كبير رنّان ، يجعل رئيس تحرير الصحيفة يفكر _ ولو مجاملةً _ في نشر قصصي..!
    لاح شبح ابتسامة على طرف شفتي صديقه الثري الذي قال له بانتهازية واضحة:
    _ ما رأيك لو تكتب قصصك ، وتمهرها باسمي انا ، لعل وعسى ان يشفع اسم ابي ومنصبه في نشرها..!؟
    التفت بحدة كمن لدغته عقرب قائلاً :
    _ ماذا تقول..!! ؟ اني أفضل ان يتراكم عليها الغبار والأتربة ، ويطويها درج مكتبي ، على ان تنشر بغير اسمي..
    فأنا سأكون كأمٍ تعطي وليدها لمن يتبناه ويرعاه ، فتراه ينمو ويكبر أمام بصرها دون ان تجرؤ حتى على مخاطبته بابني..
    _ ولكنك بهذا تحكم على موهبتك بالوأد والخنق..!!!
    فلا القراء والنقاد سيعلموا بوجودك ، ولا انت استفدت واستثمرت هذه الموهبة ، بما يعود عليك بالنفع..!!!
    _ انت تفكر بالنفع دائماً .. هذا ديدنك .. البراجماتية تسري في دمك..
    لا يهمني الربح أو الخسارة ، بقدر ما يهمني ان تصل رسالتي الى الناس ..
    الأدب رسالة ، بواسطتها تستطيع تغيير مجتمعنا الذي يعيش في عزلة وانغلاق ، وانشداد الى عادات وتقاليد بالية ، ما أنزل الله بها من سلطان ..
    تحكمه عقليات رجعية همجية ظلامية ، تخاف من النور خوف الخفافيش من ضوء النهار..!
    _ إسمع .. ليست بي رغبة الان لسماع فلسفاتك وتنظيراتك..
    انظر الى حالتك ..ووضعك المادي المزري..!
    انك تعيش على مساعدتي لك وصدقاتي عليك ، فكر بكلامي جيداً ..
    سأعطيك مبلغاً من المال على كل قصة تكتبها ، بالاضافة الى العائد من نشرها..
    والان أتركك لتفكر في عرضي هذا..
    الى اللقاء..
    تركه صديقه الثري في بحرٍ لُجّيٍ من المشاعر المتناقضة..
    لشد ما تحمل عجرفته وسخريته وتذكيره دائماً بأنه ينفق عليه..
    انه يمنّ عليه..
    تذكر عجزه وضعفه وفقره المدقع وكذلك مرضه المزمن ..
    تلك الآلام الرهيبة التي تنهشه وتمزقه ..
    نعم..هو يتلقى مساعدات من صديقه الثري المتعجرف ، ليقيم أوده ، ويستطيع توفير نفقات علاجه..
    لكن ذلك لم يمنعه من الإبداع ..فالمأساة تصنع الإبداع..
    انها عود الثقاب الذي يشعل جذوة الابداع..
    فكر كثيراً بكلام صديقه ، الذي يبدو انه ذهب مغاضباً ، فوجد انه على حق..!
    في ظل عجزه ومرضه..
    إنه ليعز عليه ان يستسلم بسهولة ، ولكن يبدو أنه لا بدّ مما ليس منه بدّ..!
    المهم أن تصل رسالته للناس تحت أي مسمى كان..
    جمع أوراق قصته الجديدة ولحق بصديقه ، مسلما إياه القصة ..
    كضحيةٍ تسلم رقبتها للجلاد..
    وغصة كبيرة تكاد تخنقه ..وألمٌ كبير يعتصر قلبه..
    في اليوم التالي فوجئ بقصته تزين قلب الصحيفة ، التي طالما تسكع أمام مقرها ، وحفيت قدماه في سبيل نشر قصصه..
    عند قراءته للقصة ، انتابته مشاعر وأحاسيس شتّى..
    هل يفرح لأن حلمه تحقق بنشر إبداعه وتوصيل رسالته تحت أي اسم _ لا يهم_
    ام يحزن ويغتم لان اسمه لم ينزل مع قصته ، التي بدت كمولود غير شرعي ، فكل كاتب لا تسعه الدنيا عندما يرى إسمه يزين الصحف او المجلات او الكتب خصوصا عندما تكون هي المرة الاولى ..!
    توالت ردود القراء على الصحيفة في أعدادها اللاحقة ، وكلها تشيد بالقصة وكاتبها الموهوب ، وتتمنى له مستقبلا واعداً ..
    وتنافس النقاد في الاشادة بموهبة الكاتب الذي استطاع ان يجد له مكاناً تحت الشمس ، شمس الادب ، بأول قصة ينشرها..!!
    كل ذلك تابعه والألم يعتصر قلبه ..
    وهو يتصور نفسه ذلك الكاتب الوهمي الذي أضحى حديث المجتمع الثقافي والأدبي في المدينة..
    توالى بعد ذلك نشر قصصه في الصحيفة التي ارتفع معدل انتشارها ، وزيادة مبيعاتها ، وتسابق رؤساء تحرير الصحف الأخرى في خطب وُدِّ ذلك الكاتب المبتزّ الذي طلب منه كل قصصه دفعة واحدة ، مقابل كمية من المال تجعله يواصل حياته المليئة بالألم والمرض والفقر ..
    قبل ان يتنكر له ، ويطرده من حياته بعد ان نال الشهرة والمجد على كتفه هو..
    فأهمله وقذف به في غياهب النسيان والاهمال ، كحذاء عتيق استعمله حتى فاحت منه الروائح العفنة..
    إشتدت حاجته الى المال بعد ذلك..
    فهو لم يكن صاحب حرفة سوى الأدب..
    كان أديباً وكفى..وفي مجتمعنا الأدب لا يؤكل عيشا ، خصوصا اذا كنت أديبا مغمورا ، كان يتسكع أمام منزل صديقه الذي أصبح عدوه محاولاً استمالته وكسب وُدّه مرةً أخرى..
    وبعد محاولات كثيرة وافق بشروط مجحفة ..
    إنه يتسول بأدبه ..
    يعطيه قصة جديدة مقابل حفنة من المال ، يقتات بها ، ويداوي بها مرضه الذي استفحل واشتدّ..
    كان ذلك الثري لا يقرأ القصص التي يأخذها منه ، وانما يكتفي بأخذها مباشرة الى الصحف لتنزل الى القراء مباشرة..
    فقد كانت ثقته بموهبة المبدع الحقيقي كبيرة ، فلا يكلف نفسه عناء قراءتها..
    فاشتد الحال بالكاتب المبدع ، وضاقت عليه الارض بما رحبت ..
    ففكر ..وفكر..
    واهتدى الى خطة جيدة بدأ فوراً بتنفيذها..
    استغل عدم قراءة صديقه اللدود للقصص التي يعطيها له..
    فكتب قصة جديدة ، أسماها " القصة الأخيرة" ..يعترف فيها انه ليس له أي فضل في الشهرة التي نالها في عالم الادب..
    وليس له أي حظ في الابداع ، وان الفضل كله يعود الى المبدع الحقيقي ، صديقه الفقير المعدم..
    وانه ندم أشد الندم ، ويريد التكفير عن الذنب الذي اقترفه بحق صديقه..
    وبالفعل كان له ما أراد وخطط..

    فقد نزلت القصة الأخيرة في الصحيفة ، ممهورة باسم الكاتب المدعي ، فأثارت ضجة كبيرة في الاوساط الأدبية ..وتم اتهام الكاتب المدعي بالتزوير والانتهازية والاستغلال ، وكثرة المطالب بمحاكمته وتغريمه ودفع التعويضات للمبدع الحقيقي ..
    وأبدى القراء والنقاد ، معاً ، تعاطفاً كبيراً مع المبدع الحقيقي..
    الذي انفتحت في وجهه أبواب المجد..
    وتلقفت إبداعاته الصحف والمجلات..
    المهم ان شهرة المبدع طارت في الآفاق..
    وابتسم له الحظ ..
    بعد طول معاناة..
    الا أن آلام المرض اشتدت به ، فعرض نفسه على الأطباء..
    وذات يوم وبعد إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية..
    قال له الطبيب :
    _ للأسف الشديد..ومع ان الأعمار بيد الله ..فأنت لن تعيش كثيراً ..
    لأنه اتضح من نتيجة الفحوصات والتحاليل انك مصاب بورم سرطاني في أطواره
    الأخيرة..
    فاحمد الله على كل حال..واعتصم بالصبر ..لعل الله يحدث لك إمراً..!!!
    تهالك فوق مقعده ..ثم رفع بصره الى النافذة المواجهة له ، واخترق زجاجها بنظره ، مركزا على نقطة في الفراغ.
    وتمتم بسخرية مريرة :
    _ ربااااه ..عندما ابتسم لي الحظ أخيراً ..
    فإنه أبى إلا أن يبتسم .. ساخراً ..!!!
    " انتهت ".
    =====================================================

    أُ قصوصة
    " هي "
    لم تعرف معنى الحرية ، ولم تشعر بأهميتها سوى الان..
    هذا لأنها موثقة بالحبال ، وممنوعه من التحرك ، او مبارحة مكانها..
    تريد ان تنطلق في الارض الرحبة ، وتستنشق هواء الحرية كبقية خلق الله..
    لماذا كُتب عليها الهوان والذلّ ..!؟ لماذا..!؟
    أقرانها في " هولندا " و " نيوزيلندا " و " امريكا " وفي معظم بلدان العالم يتمتعن بكامل حقوقهن ..
    ينلن ما يطلبنه ، ويحققن ما تمنينه ، ولا يبخل عليهن بشيئ..!
    اما هنا .. فلا تحصل الا على الفتات ..!
    بدأ الجوع ينهش أمعاءها .. انها تكرههم .. تحقد عليهم ..ستتنتقم منهم..
    كلهم بلا استثناء..كل من سلبها حقها ستنتقم منه..
    ذلك السور اللعين امامها .. وهذه الاغلال في عنقها ، هي التي تحدّ من انتقامها ، ومن إطفاء نار الجوع في أحشائها..
    الثورة والتمرد هما الحل لما تقاسيه..حاولت فكّ قيودها..وحاولت .. وحاولت..
    أخيرا تحررت من أصفادها .. ستبدأ رحلة الانتقام..
    انطلقت نحو ذلك السور..دارت دورة كاملة حوله لتبحث عن فتحة تنفذ خلتلها الى الداخل ..
    وأخيرا وجدتها..ولجت الى داخل الاسوار لتعيث في الارض فساداً ..لم تترك أخضرا ولا يابساً الا أتت عليه ..انها تنتقم..نعم تنتقم..لعلكم عرفتموها..!!!؟
    انها بقرة جدّي..!!!
    " انتهت "
    السياني.. ١٧/اكتوبر/٢٠٠٠

    الفهرس
    ١_ انقراض . ________________________________ 3
    ٢_بأي حال عدت يا عيد. _____________________________________ 5
    ٣_ الحب الشائب. __________________________________________ 8
    ٤_ تأخر. _________________________________________________ 11
    ٥_ في قريتنا مسؤول. _______________________________________ 14
    ٦_ موظف في الجامعة. ______________________________________ 19
    ٧_ هجوم تاتاريوس. ________________________________________ 22
    ٨_ في بيتي ضرة. __________________________________________ 26
    ٩_ شقاق الأشقاء. __________________________________________ 28
    ١٠_ رصاصة الغيب. __________________________________________ 31
    ١١_ صرخة. ________________________________________________ 34
    ١٢_ لعنة النور. ______________________________________________ 37
    ١٣_ شعب الهدرة. ____________________________________________ 39
    ١٤_ ولكنه وطني. ____________________________________________ 41
    ١٥_ لعبة الصميل. _____________________________________________ 43
    ١٦_ قصة حب. _______________________________________________ 45
    ١٧_ وابتسم الحظ ساخراً. ______________________________________ 55
    ١٨_ هي. ___________________________________________________ 60
    الفهرس . __________________________________________________ 61
    السيره الذاتيه. ______________________________________________ 62



    السيرة الذاتية للمؤلف:
    ..............................
    فيصل علي ناجي خشافه..
    ولد في مركز مديرية السياني
    محافظة إب_الجمهورية اليمنية.
    في ١٥/يوليو/١٩٧٧
    الموافق٢٩/رجب/١٣٩٧هـ.
    درس الابتدائية والاعدادية والثانوية في
    مدرسة الفجر الجديد بالسياني..
    حاصل على بكالوريوس
    _رياضيات/حاسوب_كلية العلوم_جامعة إب..سنة٢٠٠٣.
    يعمل مدرسا لمادة الرياضيات .
    له العديد من الشهادات والخبرات في مجال تخصصه وفي مجال القصة..
    نشرت له عدة أعمال في صحف محلية..ومواقع التواصل الاجتماعي..
    يكتب القصة والروايه والشعر والمقالات ..
    أهم أعماله الأدبيهSadكلها مخطوطات لم تطبع):
    عودة زمان الوصل. (رواية)
    وابتسم الحظ ساخراً. (مجموعة قصص )
    رجلان وامرأة . (مجموعة قصص)
    عندما تخمد العواطف. ( مجموعة قصص )
    آلام السهاد . (ديوان شعر )
    خلف أسوار الجهل . (مقالات)
    100 من عظماء اليمن. ( تراجم وسير )

    وابتسم الحظ.. ساخرا
    "مجموعة قصص.."
    ==============================

    بطاقة الكتاب
    -----------------------------------------------------------------------
    عنوان المؤَلَّف : وإبتسم الحظ .... ساخرا
    المؤلِّف : الشاعر/ فيصل خشافة
    التصنيف : مجموعة قصصية
    رقم الإيداع :
    عدد الصفحات : نشر بمنتدى جمعية إبداع الثقافية
    رقم الإصدار الداخلى : 2020/364
    تاريخ الإصدار الداخلى : 10 / 2020 الطبعة الأولى
    -------------------------------------------------------------
    جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة للشاعر، ولا يحق لأى دار نشر طبع ونشر وتوزيع الكتاب الا بموافـقة كتابية وموثـقة من الشاعـــر

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:08 pm